تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكر الله لكم وأجزل ثوابكم فقد أفدتم وأجدتم، وليس مثلي من يقيم قولكم، وقد قرأت للتو ردكم، وكنت قد كتبت جواباً قبل أن أقرأ ماسطرتم، ولعله يتفق في مجمله مع ما قررتموه وإن أعوزني ما تفضلتم به من نقل. وقد عزمت على إرساله للقائمات على الأمر نصحاً لهن، فأذن لي بتعليقه هنا من أجل تصويبه بتسديداتكم وتسديدات المشايخ الفضلاء، أو نقاشها.

مع عظيم الشكر والامتنان لما بذلتموه من وقت في الكتابة والنقل، فجزاكم الله خيراً.

ـ[حارث الهمام]ــــــــ[06 Dec 2005, 06:46 م]ـ

الشيخ الفاضل أبو بيان، شكر الله لك المرور، وما عجبتَ منه عجبتُ منه، وقبل أن أنصح المانع سألت النصيحة، فأجزل الله ثواب من أجاب ونصح، ومن تفاعل وشارك.

أما الجواب الذي كتبته فنصه:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فإن تعظيم كتاب الله عزوجل مطلوب، وقد أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، كما نقل النووي وغيره، قال الله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، قال القرطبي: "الشعائر جمع شَعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعَر به وأعلم"، وقال سبحانه في آية قبلها: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير خير له عند ربه)، قال الشوكاني: "قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه، وهي في هذه الآية ما نهي عنها، ومنع من الوقوع فيها. والظاهر من الآية عموم كل حرمة في الحج وغيره كما يفيده اللفظ وإن كان السبب خاصاً، وتعظيمها ترك ملابستها".

فإذا تقرر هذا بقي الحديث عن الضابط الذي يعرف به الفعل هل هو من التعظيم للحرمات أو الشعائر أم لا؟

وبيانه أن الفعل إما أن يكون مأثوراً عن السلف فعله أو تركه، أو لايكون.

فإن لم يكن فإما أن يكون للقياس فيه مدخل أو لايكون.

فإن لم يكن للقياس فيه مدخل فإما أن يدل العقل أو العرف أو تدل اللغة على أنه من جملة التعظيم أو لايدل.

فأما إن أثر شيء عن السلف –فعل أو ترك- فرأيهم خير لنا، وفهمهم مقدم على فهمنا، ولاسيما إن كانوا من جملة القوم الذين شهدوا الوحي، وعاينوا التنزيل، وعاش بينهم صاحب الوحي المُسَدَّد المُسَدِّد صلى الله عليه وسلم.

وأما إن لم يؤثر عن الصدر الأول شيء فينظر هل للفعل في القياس مدخل أو هو عبادة محضة، ليس للقياس فيها مدخل؟ فمن أمثلة الذي ليس للقياس فيه مدخل، القول بتقبيل بقية أركان البيت تعظيماً، قياساً على ما ثبت بالتوقيف وهو تقبيل الحجر الأسود الذي لاينفع ولايضر بذاته، ولم تجر عادة تعظيم الجمادات بتقبيلها، كما أن التقبيل ليس طريقاً للتعظيم مطرداً بل قد يكون وقد لايكون، ولذا كان تقبيل الحجر الأسود عبادة محضة، كعدد الصلوات وتحديد شهر رمضان دون غيره بالصيام ونحو ذلك مما لاتدرك علته فلايمكن القياس عليه.

فإن كان للقياس فيه مدخل بأن أمكن إلحاقه بحكم شرعي ظاهر العلة ثبت أنه تعظيم ألحق به.

كقول من قال بجواز الصلاة لبعض الآيات كالزلازل قياساً على الكسوف أو الاستسقاء الذي شرع لأجل طلب رزق أو دفع ضر، مع اندراجه في عمومات الشريعة المرشدة إلى الفزع إلى الصلاة، والصحيح أنه لم يثبت في صلاة الزلزلة شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم، والله أعلم.

وكذلك قول بعضهم بجواز إخراج زكاة الفطرة بقيمتها النقدية قالوا لاعتبار المعونة فيها والمال قد يكون أجدى في تحقيقها.

وأظهر من هذا المثل بل أصح الهدية، كالقول باستحسان إهداء عرض معين وتفضليه على غيره وإن كان أقل ثمناً أو قيمة، إذا كان أكثر تعبيراً عن علتها كالمحبة إذا كانت هي الدافع للإهداء، أو الصداقة أو غيرهما، والقول بمنع إهداء شيء بعينة إن كان يعود على التحاب بالإبطال.

ومن الأمثلة التي تتعلق بموضعنا (تعظيم كتاب الله جل وعلا) وضع المصحف على وسادة أو حامل أو نحوهما مما يمنع مباشرته الأرض، قياساً أولوياً على وضع التوارة في الكرسي كما جاء في الأثر وقد صححه جمع من أهل العلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير