ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Dec 2005, 09:56 م]ـ
جزاكم الله خيراً. وقد سبق أن طُلِبَ مني تلخيص للكتاب، فنقلت منه بعض المقتطفات، أورد منها غير ما تفضل بنقله الأخ العزيز الراية من خطة البحث ما يأتي.
* أهمية مقدمات التفاسير:
اهتم العلماء منذ القديم بمضامين مقدمات التفاسير، فقد ضمنوها خلاصة أفكارهم، وزبدة آرائهم حول كثير من مسائل علوم القرآن ومباحثه، وهي أراء لم تطرق بعضها للبحث والنقاش، وعلوم القرآن إنما يعتنى بها، وتعطى هذه المكانة والأهمية لأنها توصل إلى معرفة مراد الله تعالى من كلامه للعمل بمقتضاه، ولكون المفسر قد طرق هذه الأبواب، وأدلى بدلوه في بيان معاني الآيات، كان من الضروري دراسة هذه المقدمات دراسة جادة، ومحاولة الغوص فيها لإبراز الدقائق العلمية في ثناياها، ومن ثم معرفة مواقف المفسرين من مسائل علوم القرآن ليتبين مدى معرفة المفسر بالعلوم المعينة على فهم كتاب الله الفهم الصحيح، وليتبين بالتالي مدى إصابة المفسر القول في بيان مراد الله.
ولهذه الدراسة أهمية أخرى تكمن في معرفة تطور علوم القرآن ومباحثه عند المفسرين، وذلك لأن المفسر قد ضمن مقدمته رأيه في بعض المسائل، فجاء اللاحق ليتابع السابق فيما قاله وأثبته، وليستدرك عليه ما لم يقله مما هو مطلوب قوله، كما يبين تأثر المفسرين بعضهم ببعض، وغير ذلك مما يتبين منه للقارئ تطور هذه المسائل عند المفسرين.
ثم إن المقدمات هي أول المصنفات التي جمعت أكثر من موضوع من موضوعات علوم القرآن في موضع واحد، فهي النواة الأولى للتصنيف الموسوعي في علوم القرآن، وهذا جانب هام.
ولاشك أن بحثاً يضم مثل هذه المعلومات، ويبين ما كتبه علماؤنا الأجلاء يسهل على طلبة العلم الراغبين في فهم القرآن كثيراً من الوقت والجهد، ويضع بين أيديهم بإذن الله جهداً جاداً في بيان بعض الموضوعات التي كثر الجدل حولها، وتباينت الآراء بشأنها.
وبإيجاز يمكن القول: إن أهمية مقدمات التفاسير تنبع من الآتي:
1 - أنها النواة الأولى للتصنيف الموسوعي في علوم القرآن.
2 - أنها تضمنت كثيراً من الأحاديث والآثار المتعلقة بعلوم القرآن، والتي رواها المفسرون بأسانيدهم.
3 - أنها حوت أقوال وآراء المفسرين في كثير من علوم القرآن ومسائله.
4 - أنها تضمنت ردود ومناقشات المفسرين المتأخرين لآراء وأقوال أسلافهم المتقدمين، فكان في ذلك تحرير لكثير من المسائل المختلف فيها، وسيمر بالقارئ في الباب الثالث، كثير من تلك المناقشات.
5 - التسهيل والتيسير على القارئ في التفسير، حيث يجد القارئ مبتغاه وما أشكل عليه من مراد المؤلف بين يديه، فلا يلجأ إلى غيره لتوضيح ذلك.
6 - أنها تقوي المعارف لدى القارئ لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز، دون الحاجة إلى الخوض في غمار المطولات من المصنفات.
7 - أنها علامة هامة في بيان تطور علوم القرآن.
* الخاتمة ونتائج الدراسة:
ما سبق جولة في بطون العديد من المصنفات، استغرقت مني ما يقرب من نيف وثلاث سنين، بذلت خلالها من الجهد ما الله به عليم، ولا شك أن هذه الجولة الطويلة في بطون المصنفات والمراجع، والعيش مع العلماء بمعايشة سيرتهم وتتبع أخبارهم، ثم تكرار النظر وإدامته في مقدمات تفاسير من شملتهم الفترة المقررة لهذا البحث من المفسرين، كل تلك الأمور جعلتني أخرج بنتائج عديدة ولله الحمد، وأذكر من تلك النتائج:
1 - إن نشأة العلوم الإسلامية كانت مواكبة للدعوة، على خلاف ما يذكره جل المصنفين من تأخره إلى القرنين الثاني والثالث، فرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن صدع بوحي الله تبارك وتعالى، وتحدث عن نزول الآيات، نشأ علم نزول الوحي، وعلم أسباب النزول، نشأ علم صفة حال النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه، وغير ذلك من العلوم التي نشأت فيما بعد مواكبة للدعوة.
¥