تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2006, 02:41 م]ـ

هذا موضوع له صلة بالكتاب وموضوعه، للكاتب أيمن حاج أسد، يعطينا أبعاداً أخرى لنظرة بعض الكتاب لكتاب الجمل ومنهجه فيه.

ثمانية أعشار آيات المصحف ليست لها أسباب نزول، ولا شك في أن هذا يطعن في رأي بعض المعاصرين حول اقتران آيات القرآن الكريم كلها بأسباب نزول تاريخية، والتي يعمدون إليها كمدخل لقراءة تاريخانية للنص، كما أن ثمانين في المئة من الأسباب تتعلق بآيات الأخبار، وهو مخالف للانطباع الشائع عند القدامى من اختصاص أسباب النزول ببيان ما في بعض الآيات من أحكام قرآنية.

وكانت أسباب النزول تعكس تارة متخيلاً إسلامياً لا يرى حرجاً في تحدي قانون السببية، سواء أكان متعلقاً بالعجيب والغريب كالكائنات اللامرئية من جن وملائكة أم بالعناصر الطبيعية، وتعكس تارة أخرى مظاهر محدودة من التاريخ الإسلامي الأول، وبخاصة المغازي وصلة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالصحابة وبزوجاته (رضي الله عنهم)، كما تهم عدداً من الصحابة في تعبدهم ومعاشهم. ومن الطبيعي والحال هذه أنها لا تكفي في تبين كل ما يطمح الباحث في النص القرآني إلى معرفته على وجه الدقة، ولذا كان الرأي الذي استقر عليه المؤلف هو قلب طريقة علماء القرآن والمفسرين في التعامل مع أسباب النزول رأساً على عقب، فبدلاً من أن نقرأ مثلهم آيات المصحف بعيون الأخبار فإنه ينبغي قراءة الأخبار بتحكيم الآيات فيها تحكيماً نقدياً، هذه النتيجة التي خلصت إليها دراسة الباحث التونسي بسام الجمل «المؤسسة العربية للتحديث الفكري والمركز الثقافي العربي 2005» عن «علم أسباب النزول» بوصفها العلوم التي ظهرت نتيجة لبحث المفسر عن الظروف الحافة بآيات المصحف الشريف وعن مناسباتها والأشخاص المعنيين بها زمن الوحي.

إن البواعث التي تدفع للخوض والبحث في أسباب النزول، تتمثل في الحضور البارز لاسباب النزول في كتب التفسير، وفي وجود قراءتين قاصرتين علمياً وان كتب لهما الرواج على نطاق واسع، أولاهما قراءة إيمانية متشفية في المؤلفات القديمة سلم اصحابها بكل مرويات أسباب النزول وقبلوها على علاتها دون ادنى سؤال عن حقيقتها التاريخية ودون الجرأة على الطعن فيها بسبب ضوابط سطروها في التعامل مع إخبار أسباب النزول، إما القراءة الثانية فهي الاستشراقية الوضعية، وقد حكم فيها ممثلوها قواعد المنهج الوضعي في مقاربتهم اهم المفاهيم المؤسسة للفكر الإسلامي، ولم يعترفوا عند نظرهم في نص المصحف بصفة «المفارق» فيه، وكذلك عدم وجود دراسات عربية حديثة تصدت لمبحث أسباب النزول تصدياً علمياً موسعاً وأثارت قضاياه المنهجية والمعرفية، أو أجابت عن ابرز اشكالياته على نحو يجعلنا ندرك كيفيات اشتغال الفكر الإسلامي وآلياته في شأن نص المصحف من خلال أسباب النزول.

غير أن أهم من ذلك كله أن أسباب النزول تمثل قراءة تاريخية للقرآن تحمس لها بعض الباحثين العرب «نصر حامد أبو زيد على وجه الخصوص» لإثبات وضعيته أو على الأقل عدم الجدوى من الاستفادة منه في الحاضر والراهن.

ثمة قراءتين تناولتا علم أسباب النزول، القراءة التاريخية والقراءة الآنية، حيث تمتد القراءة التاريخية من أوائل القرن الثاني الهجري إلى بداية القرن العاشر، لا يمكن لهذه القراءة أن تكون مستمدة من مصدر واحد، كما أن الباحث في علوم أسباب النزول يحتاج إلى رصد ما يمكن أن يطرأ عليها من ضروب التغير في الرواية وأشكال التبدل في الدلالة، أما القراءة الآنية فلا بد من الاستئناس بها في انجاز عرض نقدي للمؤلفات الحديثة الدائرة على مباحث أسباب النزول.

وكما يذهب الكاتب بسام الجمل في دراسته المذكورة آنفاً، فإن استعراض الدراسات الحديثة في أسباب النزول يفضي إلى رصد موقفين متقابلين موقف تمجيدي اكتفى أصحابه باجترار ما انتهى إليه القدامى من نتائج في هذا العلم، فانعدم الحس النقدي في تلك الأعماق انعداماً كلياً، ومن هؤلاء صاحب كتاب «مناهل العرفان» و «مباحث في علوم القرآن»، وموقف نقدي لم يأت أصحابه إلا ببعض الملاحظات الجدية، لم تصل إلى مرحلة البحث المتكامل من منظور نقدي، استرشد ممثلوه بالمكاسب المعرفة والمنهجية المستفادة من العلوم الإنسانية وعلوم اللسان والانثروبولوجيا، من هؤلاء حسن حنفي، ونصر حامد أبو زيد، وفي هذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير