تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد يعترض أحد على ما ذكرتُه بأن هذه الأمور المذكورة كلها أمور تعكس إعجاز القرآن الكريم، فالبلاغة متصلة بالإعجاز لا بالتفسير.

وأقول: إن هذه العلوم متشابكة، لا يمكن الفصل بينها بحدود عازلة، فبعضها يؤدي إلى بعض، ويكمل بعضها بعضاً، فليس لنا أن نكتشف إعجاز القرآن الكريم إنْ لم يكن لدينا علم بمعانيه، ولن نستطيع أن نعرف دقائق هذه المعاني إن لم يكن لدينا علم بالبلاغة.

وأظن أن صلة علم البلاغة بعلم النحو لا يدع مجالاً للشك بأن أهم دعامة من دعائم علم التفسير هي البلاغة؛ ذلك أن أحداً لا يشك بأن التفسير يقوم على علم النحو وأن من أهم شروط المفسر أن يكون على دراية بهذا العلم.

بيان ذلك: أن تأليف الكلام وفقاً لقوانين النحو وأصوله مدخل لفهم معناه وتحديد المراد منه، ولا يخفى أن الأساس الذي قام عليه علم المعاني ـ وهو نظرية النظم ـ هو توخي معاني النحو وأحكامه، كما يقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني صاحب نظرية النظم في كتابه العظيم (دلائل الإعجاز): " ... إلا أنك قد علمت علماً أبى أن يكون للشك فيه نصيب، وللتوقف نحوكَ مذهبٌ، أنْ ليس "النظم" شيئاً إلا توخي معاني النحو وأحكامه ووجوهه وفروقه فيما بين معاني الكلم" [ص525].

وهكذا فإن موضوعي (علم المعاني) و (علم النحو) واحد، فهما يبحثان القوانين التي يجب مراعاتها في تأليف الكلام، والعلاقات القائمة بين الكلمات في الجملة وبين الجمل بعضها مع بعض، وأثر ذلك على أداء المعنى المطلوب.

وإذا ثبتت الصلة بين علم المعاني وعلم النحو،

وإذا ثبتت أهمية علم النحو للتفسير،

يثبت ـ بلا شك ـ مدى الصلة الوثيقة التي بين علمي التفسير والبلاغة.

فلا يجوز إقصاء البلاغة عن التفسير، وإبعادها عن وظيفتها في الوقوف على الخصائص التعبيرية للآيات الكريمة واستخلاص معانيها.

ناهيك عن التأثير الذي تحدثه بلاغة آيات الكتاب العزيز في نفس السامع لها والقارئ وإيصال المعنى إلى قلبه في أحسن صورة من اللفظ.

بقيت مسألة وهي التي أشار إليها الدكتور الفاضل مساعد الطيار: "أن هناك معلومات ـ وهي الغالب الأعم ـ لا تدخل في بيان المعنى، وإنما هي مما وراء المعنى، وهذه لا تدخل في علم التفسير، وإنما يحتاجها من يريد الحديث عن إعجاز القرآن الكريم".

أقول: إن ما قصده الدكتور هو ما عبّر عنه الشيخ عبد القاهر بـ (المعنى) و (معنى المعنى) وإنْ شئت قلت: المعاني الأولية للفظ والمعاني الثانوية، والمقصود بـ (المعنى) أو المعاني الأولية تلك المعاني التي نجدها في المعجمات، وهي المعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة، أما (معنى المعنى) أو المعاني الثانوية، فهي الناتجة من خصائص التراكيب اللغوية. أو أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر. [انظر: دلائل الإعجاز، ص262]، و [إتقان البرهان في علوم القرآن، د. فضل عباس، (298:2)].

وهذه المعاني الثانوية مدارها على الكناية والاستعارة والتمثيل كما يقول الشيخ عبد القاهر، وغيره من العلماء.

واضح مما تقدم أن المعاني الثانوية ناتجة من بناء الكلام على أسس البلاغة، وقد سبق الحديث عن علاقة التفسير بالبلاغة. إذن فهذه المعاني ذات صلة وثيقة بعلم التفسير.

والله تعالى أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللهم أكرمنا بأنوار الفهم

وأجرنا من ظلمات الوهم

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jan 2006, 07:28 م]ـ

علم البلاغة لا يستغني عن معرفته من يريد فهم القرآن على وجهه. وما ذكره الإخوة الفضلاء - الدكتور مساعد والأستاذ مرهف والأخت الباحثة باحثة - أشار إلى جانب مهم من هذه العلاقة الوثيقة بين علم البلاغة والتفسير. وقد أحسنت الباحثة الكريمة في تعريجها على علاقة علم المعاني خصوصاً، وبيان أهميته. وقد كتب الباحثون في علم البلاغة في كثير من موضوعاتهم التفصيلية عن بلاغة القرآن الكريم إلى هذه العلاقة بين البلاغة والتفسير وأفاضوا في ذلك.

ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[09 Jan 2006, 05:30 م]ـ

إضافة مني قد تكون مهمة، والله أعلم

كلامكم عجيب ومفيد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير