أكيد أن إعجاز القران في الجانب البلاغي قوي جداً، يعرفه أهل التخصص في علمي التفسير والبلاغة، لكن ما أود التنبيه عليه أن البلاغيين كان لهم أخطاء في التفسير كانت من هذا الباب، أقصد البلاغة، سيما في باب العقيدة، وخاصة في الصفات الألهية.
أذكر ونحن في الجامعة أنّه حصل خطأ نبهنا عليه شيخنا بعد مروره بوقت، وهو في صفة من الصفات وكان الخطأ في المحسنات البديعية وفي باب " المشاكلة ".
لعله في " ويمكرون ويمكر الله "
المهم ما أود المشاركة به باختصار هو أنه:
قد تكون البلاغة باب يمكن أن يُصد به عن الحق في جوانب عقدية
ـ[روضة]ــــــــ[15 Jan 2006, 10:44 م]ـ
إن فهم القرآن الكريم وتفسيره بالاستعانة بعلوم البلاغة يُعدَّ تفسيراً بالرأي (الدراية)، وحتى يكون التفسير بالرأي محموداً مقبولاً لا بد أن تتوفر فيه شروط معروفة لدى المهتمين بهذا العلم، مثل موافقة ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم بتر النص القرآني عن سياقه، وموافقة اللغة العربية، وأن لا يكون التفسير موافقاً لبدعة أو هوى. [للتوسع، انظر: التفسير والمفسرون، الذهبي، (281:2)، والتفسير أساسياته واتجاهاته، د. فضل عباس، ص208].
فإذا اختل شرط أصبح التفسير مذموماً.
وعليه فإن علم البلاغة إذا سُخِّر لتفسير الآيات الكريمة ضمن هذه الشروط فلا مانع منه ما دام يجلي المعنى ويوضح الصورة.
أما إذا أدى إلى محاذير شرعية عقدية فلا خلاف في أنه مردود، فالأمر فيه تفصيل إذن، ولا يجوز أن نردّ هذا العلم المهم جملة.
وكذا يقال في جميع العلوم التي تُعدّ وسائلَ للمفسر في تفسير القرآن الكريم، فإذا أردتَ أن تردّ علم البلاغة لما قد يترتب عليه من معانٍ فاسدة إذا تعسّف المفسر في توظيفه، فعليك أن ترد علم النحو؛ إذ فيه وجوه إعرابية مختلفة للآيات القرآنية، بعضها قد يُخرج الآية عن مقصودها، وعليك أن ترد جميع ما جاء في المعجمات من أصول لغوية للألفاظ، لأن بعضها لا يتناسب مع مراد الله تعالى.
فهذا الإمام الزمخشري ـ رحمه الله وغفر له ـ تكلّف حين فسّر قوله تعالى: "وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة"، ففسر (ناظرة)، بأنها منتظرة، هروباً من إثبات الرؤية لله تعالى يوم القيامة، فمع أن هذا المعنى لا يخالف اللغة العربية إلا أنه يخالف الظاهر من اللفظ، بلا قرينة صارفة، ويخالف السياق، ويوافق مذهبه المعتزلي.
ولكن، لم يقل أحد بعد أن قال الزمخشري ما قال إن دلالات الألفاظ الواردة في اللغة يجب أن تُرفض ولا يُستعان بها في فهم كتاب الله تعالى، وإنما قيّدوا الأمر بعدم اتباع الهوى.
هذا مثال يمكن أن يقاس عليه أي تكلّف أو تعسف أو ليّ لعنق الآية القرآنية، باستخدام أي علم من العلوم التي تصب في توضيح معاني القرآن الكريم.
أما بالنسبة لقوله تعالى: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" [الأنفال:30]، فلم يفسر هذه الآية أحد من أهل السنة تفسيراً يتنافى مع الأصول العقدية المقررة لديهم، وإذا وُجد تفسير مخالف لا يتناسب مع تنزيه الله تعالى فهو بلا شك منسوب لصاحب بدعة وهوى.
ومثل هذا التفسير يردّ لا علم البلاغة.
ولزيادة الفائدة أنقل ما جاء في تفسير الشيخ أبي السعود رحمه الله، وهو من أئمة المفسرين، قال:
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ?للَّهُ} أي يرد مكرَهم عليهم أو يجازيهم عليه أو يعاملهم معاملةَ الماكرين وذلك بأن أخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في أعينهم حتى حمَلوا عليهم فلقُوا منهم ما لقُوا {وَ?للَّهُ خَيْرُ ?لْمَـ?كِرِينَ} لا يُعبأ بمكرهم عند مكرِه، وإسنادُ أمثالِ هذا إليه سبحانه مما يحسن للمشاكلة، ولا مساغَ له ابتداءً لما فيه من إيهام ما لا يليق به سبحانه. أ.هـ.
والله أعلم بالصواب
ــــــــــــــ
اللهم أكرمنا بأنوار الفهم
وأجرنا من ظلمات الوهم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jan 2006, 02:18 م]ـ
هناك كتاب جيد في هذا الموضوع بعنوان (علاقة التفسير بالبلاغة عند الزمخشري) لعمر حامد الملا حويش. لعلك تراجعه أخي الكريم ففيه تفاصيل جديرة بالقراءة.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[19 Jan 2006, 04:08 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .. أما بعد،
فالحديث في علاقة البلاغة بالتفسير يطول كما قال الشيخ مساعد وغيره؛ ولكن ألمح إلى ما يلي:
¥