تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يؤكدون أهمية تعلم البلاغة لفهم القرآن وإدراك إعجازه، ومن ذلك قول أبي هلال العسكري في مقدمة كتاب الصناعتين: (اعلم –علمك الله الخير- أن أحق العلوم بالتعلم وأولاها بالحفظ -بعد المعرفة بالله جل ثناؤه- علم البلاغة والفصاحة الذي يعرف به إعجاز كلام الله)، وقول ابن سنان الخفاجي في مقدمة كتاب سر الفصاحة: (لا بد لمن يبحث في إعجاز القرآن من معرفة سر الفصاحة والبلاغة، سواء أقال بالصرفة أم بغيرها) مع أن ابن سنان يقول بالصرفة، وقول السكاكي في كتاب مفتاح العلوم وهو يتحدث عن الإعجاز: (ولا يمكن تحصيله لغير ذوي الفطرة إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والحذق فيهما) وغيرها من الأقوال.

3 - نبه العلماء إلى أهمية العناية بعلم البلاغة لمن أراد تفسير القرآن الكريم، فضلاً عن علوم اللغة الأخرى كما سبق ذكره، وأذكر هنا قول أبي حيان في مقدمة تفسيره البحر المحيط: (اعلم أنه لا يرتقي من علم التفسير ذروته، ولا يمتطي منه صهوته، إلا من كان متبحراً في علم اللسان، مترقياً منه إلى رتبة الإحسان ... ) ثم قال: (ولنبين أن علم التفسير ليس متوقفاً على علم النحو فقط، كما يظنه بعض الناس؛ بل أكثر أئمة العربية هم بمعزل عن التصرف في الفصاحة والتفنن في البلاغة، ولذلك قلت تصانيفهم في علم التفسير، وقل أن ترى نحوياً بارعاً في النظم والنثر، كما قل أن ترى بارعاً في الفصاحة يتوغل في علم النحو. وقد رأينا من ينسب إلى للإمامة في علم النحو وهو لا يحسن أن ينطق بأبيات من أشعار العرب، فضلاً أن عن يعرف مدلولها، أو يتكلم على ما انطوت عليه من علم البلاغة والبيان، فأنى لمثل هذا أن يتعاطى علم التفسير؟ ولله در أبي القاسم الزمخشري حيث قال في خطبة كتابه في التفسير ما نصه: إن أملأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح، من غرائب نكت يلطف مسلكها، ومستودعات أسرار يدق سلكها؛ علم التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كل ذي علم، كما ذكر الجاحظ في نظم القرآن، فالفقيه وإن برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلم وإن بز أهل الدنيا في صناعة الكلام، وحافظ القصص والأخبار، وإن كان من ابن القرية أحفظ، والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ، والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه، واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه؛ لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق، إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما: علم المعاني، وعلم البيان، وتمهل في ارتيادهما آونة، وتعب في التنقير عنهما أزمنة، وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله، وحرص على استيضاح معجزة رسول الله، بعد أن يكون آخذاً من سائر العلوم بحظ، جامعاً بين أمرين: تحقيق وحفظ، كثير المطالعات، طويل المراجعات ... إلى آخر ما نقله أبو حيان عن الزمخشري.

وينظر إلى ما قاله ابن خلدون في مقدمته حين تحدث عن علوم القرآن.

4 - ثمة اتجاه في التفسير سمي: التفسير البياني، أو البلاغي، وهو اتجاه له جذوره في تفاسير السلف والخلف، وخص في العصر الحاضر بالتأصيل والتأليف، وقد تناوله الدكتور فهد الرومي بالبحث والدراسة والتقويم في كتابه: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، فليرجع إليه.

هذه إشارات حول علاقة البلاغة بالتفسير، أرجو أن يكون فيها ما ينفع، سائلاً الله التوفيق والسداد وحسن الفهم للقرآن، والعفو عن الزلل والعصيان، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الحواشي==============================

(1) الفقيه والمتفقه1/ 198.

(2) الصاحبي/50.

(3) الموافقات2/ 62، وانظر: كتاب الإيمان، ضمن مجموع الفتاوى7/ 116.

(4) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد2/ 441.

(5) انظر: مقدمتان في علوم القرآن/201.

(6) انظر: التفسير اللغوي للقرآن/154.

(7) المرجع السابق/41.

(8) الفقيه والمتفقه1/ 198.

(9) انظر أمثلة ذلك في: التفسير اللغوي للقرآن/41.

(10) انظر: المرجع السابق/50 و633.

ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[19 Jan 2006, 04:54 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير