تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب": «الشيطان لا قدرة له البتّة على إيقاع الناس في الأمراض والآلام، والدليل عليه وجوه الأول: أنا لو جوزنا حصول الموت والحياة والصحة والمرض من الشيطان، فلعل الواحد منا إنما وجد الحياة بفعل الشيطان، ولعل كل ما حصل عندنا من الخيرات والسعادات، فقد حصل بفعل الشيطان، وحينئذٍ لا يكون لنا سبيل إلى أن نعرف أن معطي الحياة والموت والصحة والسقم، هو الله تعالى الثاني: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يسعى في قتل الأنبياء والأولياء، ولم لا يخرب دورهم، ولم لا يقتل أولادكم الثالث: أنه تعالى حكى عن الشيطان أنه قال: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} (إبراهيم: 22) فصرح بأنه لا قدرة له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة، وذلك يدل على قول من يقول إن الشيطان هو الذي ألقاه في تلك الأمراض والآفات، فإن قال قائل: لم لا يجوز أن يقال إن الفاعل لهذه الأحوال هو الله تعالى لكن على وفق التماس الشيطان؟ قلنا فإذا كان لا بد من الاعتراف بأن خالق تلك الآلام والأسقام هو الله تعالى، فأي فائدة في جعل الشيطان واسطة في ذلك؟ بل الحق أن المراد من قوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} أنه بسبب إلقاء الوساوس الفاسدة والخواطر الباطنة كان يلقيه في أنواع العذاب والعناء، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في أن تلك الوساوس كيف كانت وذكروا فيه وجوهاً الأول: أن علته كانت شديدة الألم، ثم طالت مدة تلك العلة واستقذره الناس ونفروا عن مجاورته، ولم يبق له شيء من الأموال ألبتة. وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت، ثم بلغت نفرة الناس عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم، والشيطان كان يذكره النعم التي كانت والآفات التي حصلت، وكان يحتال في دفع تلك الوساوس، فلما قويت تلك الوساوس في قلبه خاف وتضرع إلى الله، وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} لأنه كلما كانت تلك الخواطر أكثر كان ألم قلبه منها أشد. الثاني: أنها لما طالت مدة المرض جاءه الشيطان وكان يقنطه من ربه ويزين له أن يجزع فخاف من تأكد خاطر القنوط في قلبه فتضرع إلى الله تعالى وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ}، الثالث: قيل إن الشيطان لما قال لامرأته: "لو أطاعني زوجك أزلت عنه هذه الآفات" فذكرت المرأة له ذلك، فغلب على ظنه أن الشيطان طمع في دينه، فشق ذلك عليه، فتضرع إلى الله تعالى وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}».

ـ[د. أنمار]ــــــــ[10 Jan 2006, 12:47 م]ـ

أن علته كانت شديدة الألم، ثم طالت مدة تلك العلة واستقذره الناس ونفروا عن مجاورته، ولم يبق له شيء من الأموال ألبتة. وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت، ثم بلغت نفرة الناس عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم،

.

وهذه الأخرى أشنع في حق الأنبياء، لذا قال أهل الفهم أن علته كانت تحت جلده ليست ظاهرة مستقذرة كما اشتهر في كتب التفسير التي فيها ما فيها. والظاهر أن تفاصيل ذلك مأخوذ من الاسرائيليات

وما صح عن المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم هو ما رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك

ملاحظة قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بشرح صحيح البخاري

(تنبيه):

لم يثبت عند البخاري في قصة أيوب شيء , فاكتفى بهذا الحديث الذي على شرطه. وأصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وصححه ابن حبان والحاكم من طريق نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس " أن أيوب عليه السلام ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة , فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدوان إليه ويروحان , فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء , فذكره الآخر لأيوب , يعني فحزن ودعا الله حينئذ فخرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه , فأوحى الله إليه أن اركض برجلك , فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا , فجاءت امرأته فلم تعرفه , فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو , وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير , فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض , وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض ".

اهـ

وقوله أصح لا يعني تصحيح الأثر كما هو معلوم وكلام الحاكم أنه على شرط الشيخين وموافقة الذهبي ليست بشيء فقد انفرد به به نافع عن عقيل عن الزهري كما ذكر البزار

ونافع من رجال مسلم فصوابه أن يقول على شرط مسلم

وعقيل ثقة لكن قال العقيلي صدوق تفرد عن الزهري بأحاديث

وانظر الحديث في زوائد البزار لابن حجر رقم 1849

والمجمع 8/ 208 وقال رجال الصحيح

وقال صحيح كما نقل ابن حجر عنه في الزوائد

وصححه ابن حبان بإيراده في صحيحه

لكن انتقد هذه الرواية ابن كثير في البداية 1/ 208 فقال غريب جدا رفعه والأشبه أن يكون موقوفا

والله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير