التعبير عن حقيقتها بلغتنا البشرية، فالواجب فى كل هذه الحالات الإبقاء على ذِكْر اللبن والعسل، ثم إن فى الهامش مندوحة نستغلها فى توضيح رأينا كما نشاء. وقد فعل الكاتب نفسه ذلك مع "الحدائق والأعناب والكأس الدِّهَاق" فى هذه السورة نفسها، فلم لم يتبع هذه الخطة مع "الكواعب الأتراب"؟ وثانيا فإن كلمة "أتراب" فى كل من المرتين الأُخْرَيَيْن اللتين وردتا فى القرآن كانت وصفا لنساء الجنة، فلم تشذ عن ذلك هنا؟ وهاتان هما الآيتان المذكورتان: "وعندهم (أى عند المتقين فى جنات عدن) قاصرات الطرف أتراب" (ص/ 52)، "فجعلناهن (أى نساء الجنة) أبكارا* عُرُبًا أترابا* لأصحاب اليمين" (الواقعة/ 36 - 38). وبالمناسبة فقد عمل محمد أسد هنا فى ترجمة "قاصرات الطرف الأتراب" و"الأبكار العُرُب الأتراب" ما اقترحته قبل قليل فى ترجمة صفات نساء الجنة، فلم هذه التفرقة التى لا مسوغ لها؟
يبدو، والله أعلم، أن صيغة جمع المؤنث السالم فى النص الأول من هذين النصين، وضمير جماعة النسوة فى النص الثانى هما اللذان منعاه من التمحل كما فعل مع "الكواعب الأتراب". فما رأيه إذا قلنا له إن كلمة "كواعب" من حيث صيغتها لا تحتمل أيضا إلا أن تكون للنساء، ومن ثم لا تصلح أن يكون معناها "الأصحاب أو الأقران" كما يريد منا الأستاذ أسد أن نفهمها؟ ذلك أن صيغة جمع التكسير "فواعل" لا تستعمل للعقلاء الذكور (إلا فى "فوارس" و "سوابق"، اللتين شذتا عن القاعدة). ثم إن "التِّرْب" هو المساوى فى السن لا المتوافق المنسجم مع رفيقه كما جاء فى ترجمة أسد.
--- الحواشي ----
[1] وهو نفسه ما فعله قبلا فى ترجمته "صحيح البخارى" إلى اللغة الإنجليزية.
[2] بعد كتابة هذا الكلام وقعتْ فى يدى ترجمة القرآن الإنجليزية التى قام بها م. شاكر فوجدته قد صنع ما اقترحتُه هنا من كتابة أسماء الأنبياء حسب النطق القرآنى لها، فرأيت أن أنوه بذلك إعجابا وابتهاجا، كما وجدت الترجمة الإنجليزية لـ"تفسير ماجدى"، الذى وضعه مولانا عبد الماجد دريابادى، تفعل نفس الشىء. أما محمد محسن خان ومحمد تقى الدين الهلالى فلم يكتفيا فى ترجمتهما بكتابة أسماء الأنبياء حسب النطق العربى، بل شفعا كل واحد منها بكتابته حسب النطق الإنجليزى بين قوسين.
[3] وفى بعض المرات القليلة جدا استخدم كلمة "هجرة"، وأقل منها استخدامه كلمة " Emigration". أما فى ترجمته لـ"صحيح البخارى"، التى صدرت فى كتابٍ سنة 1938م، فقد استخدم الكلمة الأولى وكلمة " Migration"، كما استخدم لاسم الفاعل كلمة " Muhajir" (The Early Years of Islam, Dar al- Andalus, - Sahih al- Bukhari (Gibraltar, 1981, PP. 4, 19, 104, 105, 112, 113, 144, 184, 230, 231, 237...etc.
[4] ص 471/ هـ 7، وص 561/ هـ 10.
[5] انظر الآيات 139 - 148 من سورة "الصافات". ويجد القارئ كلمة "أَبَقَ" فى الآية 140 منها.
[6] المائدة / 23.
[7] الأعراف/ 124، وطه/ 71، والشعراء/ 49.
[8] ص 210/ هـ 37.
[9] الكهف / 90 - 91.
[10] انظر ص 470 فى عنوان السورة، ومقدمة ترجمتها، وهـ1.
[11] ص 633 فى ترجمة الآية 5 من سورة "السجدة"، وص 892 فى ترجمة الآية 3 من سورة "المعارج".
[12] ص 825 فى ترجمة الآية 17 من سورة "المزمل".
[13] ص 924 فى ترجمة الآية 33 من "الواقعة"، وهـ 16. وللأسف فهذا هو التصور النصرانى، وهو تصور قائم على ظاهر ما ورد فى إنجيل متى منسوبا إلى السيد المسيح من أنهم فى القيامة "لا يزوّجون ولا يتزوجون" (إنجيل متى/ 22/ 30).
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[04 Jan 2006, 02:48 م]ـ
ومن القضايا ذات الأهمية الشديدة التى تناولها أسد فى ترجمته التفسيرية للقرآن الكريم بشريةُ الرسل ومدى انعكاسها على أخلاقهم وسلوكهم، فهو دائم الإشارة إلى هذه البشرية، وهى مما لا يُشَاحّ فيه أحد، إذ إن رسل الله وأنبياءه كانوا كلهم بشرا. هكذا تكلم التاريخ، أما إذا قال أصحاب بعض الأديان إن نبيهم إله أو ابن إله فهو كلام لا يؤبه به، وإن كان لكلٍّ أن يعتقد ما يشاء، وحسابه على الله. كما أن القرآن قد كرر القول مرارا بأن الرسل والأنبياء كانوا جميعا بشرا من البشر، فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون وينجبون ويَغْشَوْن الأسواق، ثم فى النهاية يموتون. إذن فلا خلاف مع محمد أسد فى هذا البتة، إلا أنه لا يتوقف عند هذا الحد، بل دائما ما
¥