[التوبة: 31] واختار هذا الزجاج.
8 - و جاء في تفسير ابن عباس:
وقال علي بن أبي طالب ما خلقتهم إلا أن آمرهم وأكلفهم.
ويقال وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون إلا أمرتهم أن يوحدوني ويعبدوني.
9 - و قال [ u] السمرقندي في تفسيره (بحر العلوم):
قال عز وجل {وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} يعني ما خلقتهم إلا أمرتهم بالعبادة فلو أنهم خلقوا للعبادة لما عصوا طرفة عين وقال مجاهد: يعني ما خلقتهم إلا لآمرهم وأنهاهم ويقال إلا ليعبدون يعني إلا ليوحدون وهم المؤمنون وهم خلقوا للتوحيد والعبادة وخلق بعضهم لجهنم كما قال،
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ?لْجِنِّ وَ?لإِنْسِ}
[الأعراف: 179] فقد خلق كل صنف للأمر والنهي الذي يصلح له
10 - و قال الماوردي في كتابه " النكت و العيون ":
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِ وَالإِنسَ إلاَّ لَيَعْبُدُونِ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: إلا ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرهاً، قاله ابن عباس.
الثاني: إلا لآمرهم وأنهاهم، قاله مجاهد.
الثالث: إلا لأجبلهم على الشقاء والسعادة، قاله زيد بن أسلم.
الرابع: إلا ليعرفوني، قاله الضحاك.
الخامس: إلا للعبادة، وهو الظاهر، وبه قال الربيع بن انس.
11 - و قال البغوى في كتابه " معالم التنزيل ":
{وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، قال الكلبي والضحاك وسفيان: هذا خاص لأهل طاعته من الفريقين، يدل عليه قراءة ابن عباس: {وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ} من المؤمنين {إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، ثم قال في أخرى:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ?لْجِنِّ وَ?لإِنْسِ} الأعراف:179].
وقال بعضهم: وماخلقت السعداء من الجن والإِنس إلا لعبادتي والأشقياء منهم إلا لمعصيتي، وهذا معنى قول زيد بن أسلم، قال: هو على ما جُبِلُوا عليه من الشقاوة والسعادة.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " إلاّ ليعبدون ". أي إلاَّ لآمُرَهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي، يؤيده قوله عزّ وجلّ:
{وَمَآ أُمِرُو?اْ إِلاَّ لِيَعْبُدُو?اْ إِلَـ?هاً وَ?حِداً}
[التوبة:31].
وقال مجاهد: إلاّ ليعرفوني. وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده، دليله: قوله تعالى:
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ?للهُ}
[الزخرف:87].
وقيل: معناه إلا ليخضعوا إليَّ ويتذللوا، ومعنى العبادة في اللغة: التذلل والانقياد، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، ومتذلل لمشيئته لا يملك أحد لنفسه خروجاً عمّا خُلق عليه.
وقيل: " إلا ليعبدوني " إلاَّ ليوحدوني، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء، بيانه قوله عزّ وجلّ:
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ?لْفُلْكِ دَعَوُاْ ?للهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ?لدِّينَ}
[العنكبوت:65].
12 - و جاء في " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " لابن عطية:
وقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} اختلف الناس في معناه مع إجماع أهل السنة على أن الله تعالى لم يرد أن تقع العبادة من الجميع، لأنه لو أراد ذلك لم يصح وقوع الأمر بخلاف إرادته، فقال ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما المعنى: ما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بعبادتي، وليقروا لي بالعبودية فعبر عن ذلك بقوله: {ليعبدون} إذ العبادة هي مضمن الأمر، وقال زيد بن أسلم وسفيان: المعنى خاص، والمراد: {وما خلقت} الطائعين من {الجن والإنس} إلا لعبادتي، ويؤيد هذا التأويل أن ابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: " وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدوني "، وقال ابن عباس أيضاً معنى: {ليعبدون} أي ليتذللوا لي ولقدرتي، وإن لم يكن ذلك على قوانين الشرع.
¥