قال القاضي أبو محمد: وعلى هذا التأويل فجميع الجن والإنس عابد متذلل والكفار كذلك، ألا تراهم عند القحط والأمراض وغير ذلك. وتحتمل الآية، أن يكون المعنى: ما خلقت الجن والإنس إلا معدين ليعبدون، وكأن الآية تعديد نعمة، أي خلقت لهم حواس وعقولاً وأجساماً منقادة نحو العبادة، وهذا كما تقول: البقر مخلوقة للحرث، والخيل للحرب، وقد يكون منها ما لا يحارب به أصلاً، فالمعنى أن الإعداد في خلق هؤلاء إنما هو للعبادة، لكن بعضهم تكسب صرف نفسه عن ذلك، ويؤيد هذا المنزع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له ". وقوله: " كل مولود يولد على الفطرة الحديث.
13 - و قال ابن الجوزى في " زاد المسير في علم التفسير ":
قوله تعالى: {وما خلقْتُ الجنَّ والإنس إلاّ لِيعْبُدونِ} أثبت الياء في «يعْبُدون» و «يُطْعِمون» و «لا يستعجِلون» في الحالين يعقوب. واختلفوا في هذه الآية على أربعة أقوال.
أحدها: إلاّ لآمُرهم أن يعبدوني، قاله عليُّ بن أبي طالب، واختاره الزجاج.
والثاني: إلا لِيُقِرُّوا بالعُبودية طوْعاً وكرْهاً، قاله ابن عباس؛ وبيان هذا قوله
{ولئن سألتهم منْ خلقهم ليقولُنَّ الله}
[الزخرف: 87].
والثالث: أنه خاصّ في حقِّ المؤمنين. قال سعيد بن المسيّب: ما خلقتُ منْ يعبُدني إلا ليعبُدَني. وقال الضحاك، والفراء، وابن قتيبة: هذا خاصّ لأهل طاعته، وهذا اختيار القاضي ابي يعلى فإنه قال: معنى هذا الخصوصُ لا العمومُ، لأن البُله والأطفال والمجانين لا يدخُلون تحت الخطاب وإن كانوا من الإنس، فكذلك الكُفَّار يخرُجون من هذا بدليل قوله:
{ولقد ذرأْنا لجهنَّم كثيراً من الجِنِّ والإنس}
[الأعراف: 179]، فمن خُلق للشَّقاء ولجهنَّم، لم يخلق للعبادة.
والرابع: إلا ليخضعوا إليَّ ويتذللَّوا. ومعنى العبادة في اللغة: الذُّلُّ والانقياد. وكُلُّ الخلْق خاضعٌ ذليلٌ لقضاء الله عز وجل لا يملك خُروجاً عمّا قضاه اللهُ عز وجل، هذا مذهب جماعة من أهل المعاني.
14 – و قال الإمام النسفى في كتابه " مدارك التنزيل و حقائق التأويل ":
[وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} العبادة إن حملت على حقيقتها فلا تكون الآية عامة بل المراد بها المؤمنون من الفريقين دليله السياق أعني {وَذَكّرْ فَإِنَّ ?لذّكْرَى? تَنفَعُ ?لْمُؤْمِنِينَ} وقراءة ابن عباس رضي الله عنهما {وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ مِنَ ?لْمُؤْمِنِينَ} وهذا لأنه لا يجوز أن يخلق الذين علم منهم أنهم لا يؤمنون للعبادة لأنه إذا خلقهم للعبادة وأراد منهم العبادة فلا بد أن توجد منهم، فإذا لم يؤمنوا علم أنه خلقهم لجهنم كما قال:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ ?لْجِنّ وَ?لإِنْسِ}
[الأعراف: 179]. وقيل: إلا لآمرهم بالعبادة وهو منقول عن علي رضي الله عنه [ u]. وقيل: إلا ليكونوا عباداً لي. والوجه أن تحمل العبادة على التوحيد فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: كل عبادة في القرآن فهي توحيد. والكل يوحدونه في الآخرة لما عرفه أن الكفار كلهم مؤمنون موحدون في الآخرة دليلة قوله
{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَ?للَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}
{وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} العبادة إن حملت على حقيقتها فلا تكون الآية عامة بل المراد بها المؤمنون من الفريقين دليله السياق أعني {وَذَكّرْ فَإِنَّ ?لذّكْرَى? تَنفَعُ ?لْمُؤْمِنِينَ} وقراءة ابن عباس رضي الله عنهما {وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ مِنَ ?لْمُؤْمِنِينَ} وهذا لأنه لا يجوز أن يخلق الذين علم منهم أنهم لا يؤمنون للعبادة لأنه إذا خلقهم للعبادة وأراد منهم العبادة فلا بد أن توجد منهم، فإذا لم يؤمنوا علم أنه خلقهم لجهنم كما قال:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ ?لْجِنّ وَ?لإِنْسِ}
[الأعراف: 179]. وقيل: إلا لآمرهم بالعبادة وهو منقول عن علي رضي الله عنه. وقيل: إلا ليكونوا عباداً لي. والوجه أن تحمل العبادة على التوحيد فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: كل عبادة في القرآن فهي توحيد. والكل يوحدونه في الآخرة لما عرفه أن الكفار كلهم مؤمنون موحدون في الآخرة دليلة قوله
{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَ?للَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}
هذا و الله تعالى أعلم و أحكم
و الله ولى التوفيق
ـ[محب أهل القرآن]ــــــــ[09 Jan 2006, 12:11 م]ـ
بارك الله فيك الأخ الكريم الأستاذ (ابن رشد)
وجزاك خير الجزاء على إهتمامك وتجاوبك
وأسأل الله تعالى أن يعفر الله تعالى لي ولك في هذا اليوم المبارك ويوفقني وإياك لخير ما يوفق إليه عباده الصالحين المتقين ... آمين آمين
ملاحظة: كلام سيد قطب رحمه الله عن خلافة الإنسان في الأرض بعيد الصواب، ويحتاج إلى مناقشة، والله تعالى أعلم
¥