تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم إن الحوار في القرآن لا يمكن حصر مساحته في الآيات التي تتضمن مادة حوار أو جدل أو ما في حكمهما… بل نعتبر كل المواد الحوارية الواردة في القرآن الكريم شاهدة لهذا الموضوع من ذلك مثلا قوله تعالى لموسى عليه السلام:" اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"طه 43 فقد أورد ابن كثير أقوالا عديدة في بيان المراد بالقول اللين ثم لخص ذلك بقوله:" والحاصل من أقوالهم أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين سهل رفيق, ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع, كما قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".فانظر كيف جعل قوله تعالى:"فقولا له قولا لينا" شبيها بقوله تعالى:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة"الآية

3 - الدعوة إلى الحوار في القرآن الكريم:

أول مقام يمكن التنبيه عليه في مساحة الحوار في القرآن الدعوة إلى الحوار وقد جاءت في سياقات عديدة. ومن النصوص الصريحة الداعية إلى التمسك بالحوار وسيلة للتواصل قوله تعالى:"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" النحل 125

وفيها يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة "والموعظة الحسنة", أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس, ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى, وقوله: "وجادلهم بالتي هي أحسن" أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب, كقوله تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم" الاية, فأمره تعالى بلين الجانب كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله: "فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى".

وقوله: "إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله" الآية، أي قد علم الشقي منهم والسعيد, وكتب ذلك عنده وفرغ منه, فادعهم إلى الله ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات, فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير عليك البلاغ وعلينا الحساب "إنك لا تهدي من أحببت", "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء".

4 - مستويات الحوار في القرآن الكريم

من الملاحظات الأساسية التي يمكن الخروج بها أن الحوار في القرآن الكريم كان على جميع المستويات مما يدل على أنه سيبقى هو أفضل وسيل للتواصل على الإطلاق. وبيان ذلك على الشكل التالي:

4 - 1 - الحوار بين الأنبياء والملائكة:

ويشهد لهذا القسم آيات كثيرة منها قوله تعالى عن ابراهيم عليه السلام:" "فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود" هود 74 إذ لما أخبر إبراهيم عليه السلام بما ينتظر قوم لوط من العذاب كما في قوله تعالى:"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين" العنكبوت31 قال عليه السلام عند ذلك: "إن فيها لوطاً" فرد عليه الملائكة:" قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته" الآية العنكبوت 32

ففي آية هود وصف موقف إبراهيم بأنه جدال منه وفي آية العنكبوت فصل قول إبراهيم دون وصف له بالجدال، ثم مدح موقف إبراهيم بقوله تعالى:" إن إبراهيم لحليم أواه منيب "

4 - 2 - الحوار بين الأنبياء و أقوامهم

وهذا من أبرز المجالات التي برز فيها الحوار وسيلة أولى في الإقناع ويمكن اعتبار المساحة الحوارية في القرآن الكريم بين الأنبياء و أقوامهم من أوسع المساحات ونحن هنا لا يمكن أن نستوعب كل ما ورد فيها من نصوص بله ما فيها من الإشارات والدلالات! ويمكن تقسيم ذلك إلى مستويات متعددة:

1. المستوى العام: ونقصد به العرض العام للدعوة والذي يبرز فيه عادة النبي في مقابل الملأ ومن ذلك قوله تعالى عن نوح عليه السلام:"لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون" الأعراف 61

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير