2. المستوى الخاص: ونقصد به حين يتوجه الحوار إلى شخص بعينه وقد يكون هذا الشخص:
? سلطة: وأبرز مثال في هذا المستوى هو فرعون و الحوار بينه وبين موسى عليه السلام وكذلك النمرود والحوار بينه وبين ابراهيم
? قرابة: وأبرز مثال يخلده القرآن الكريم هو الحوار الذي جرى بين ابراهيم ووالده وعنه قال تعالى:" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا"مريم 41 - 48.
و مثاله أيضا ما كان بين نوح وولده وفي قال تعالى:" ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين" هود 42
4 - 3 - الحوار بين المؤمنين وأقوامهم
وهذا مستوى آخر من مستويات الحوار في القرآن الكريم وفيه جاءت الآية الصريحة في تسمية الحوار باسمه وإن بينا بما فيه الكفاية أن الأمر أوسع من ذلك…قال تعالى:" واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا" الكهف 32 وما بعدها .. ولقد سمى الله تعالى كلام كلا الطرفين حوارا ومحاورة منه وهنا تبرز أهمية مقارعة الحجة بالحجة.
5 - آداب الحوار
ونظن إن هذا الجانب من أهم العناصر التي نريد التذكير بها من خلال القرآن الكريم. ونقول في البداية بأن الأمر لا يتجاوز المعالم الكبرى ولا ندعي لهذه الورقة أنها تستطيع الإحاطة ولن تفعل ذلك ورقة بعده حين يتعلق الأمر بالاستنباط من القرآن الكريم فهذا الكتاب لا تنقضي عجائبه ولا يبلى على كثرة الرد.
ويمكن اعتبار" بالتي هي أحسن" أوجز صيغة دالة على المنهج الذي يدعو القرآن الكريم أتباعه إلى التزامه في الحوار مع القريب والبعيد.و قوله تعالى "بالتي هي أحسن " تشمل المنهج والمضمون والزمان والمكان وكل العناصر المتداخلة في عملية الحوار …ومع ذلك وجدنا في القرآن الكريم إشارات تفصيلية ومنها:
5 - 1 - مطالبة الطرف المحاور أن يحاور بعلم:
فقد عاب القرآن الكريم على من يجادل بغير علم في أكثر من آية ومن ذلك قوله تعالى:"ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد" الحج 8 وقوله تعالى:"ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير"الحج 3 وقوله تعالى:" ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير" لقمان 20
5 - 2 - الانطلاق من فرضية تساوي الطرفين المتحاورين في الخطأ والصواب:
وهذا ضابط هام من أجل إيجاد أرضية مشتركة للحوار، وهو مما يساهم في دعم التواصل وقد دل على ذلك قوله تعالى:" وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"سبأ 21" هذا من باب اللف والنشر أي واحد من الفريقين مبطل والآخر محق لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال, بل واحد منا مصيب"
¥