بداية البحث: من القرآن الكريم كانت البداية، ذلك أنني كنت في فجر أحد الأيام أقرأ في كتاب الله عز وجل في سورة يوسف فاستوقفتني تلك القصة العجيبة، وأخذت أتدبر في الآيات الكريمات التي تحكي قصة تآمر أخوة يوسف عليه السلام، وما آل إليه أمر أبيه بعد أن فقده، وذهاب بصره وإصابته بالمياه البيضاء، ثم كيف أن رحمة الله تداركته بقميص الشفاء الذي ألقاه البشير على وجهه فارتد بصيرا.
وأخذت أسال نفسي، ترى ما الذي يمكن أن يوجد في قميص يوسف حتى يحدث ذلك الشفاء وعودة الإبصار إلى ما كان عليه، ومع إيماني بأن القصة تحكى معجزة أجراها الله على يد نبي من أنبياء الله هو سيدنا يوسف عليه السلام إلا أني أدركت أن هناك بجانب المغزى الروحي الذي تفيده القصة مغزى آخر ماديًا يمكن أن يوصلنا إليه البحث تدليلاً على صدق القرآن الذي نقل إلينا تلك القصة كما وقعت أحداثها في وقتها، وأخذت أبحث حتى هداني الله إلى ذلك البحث.
ما هي المياه البيضاء: البياض الذي يصيب العين أو المياه البيضاء والتي تسمى " الكاتركت " عبارة عن عتامة تحدث لعدسة العين تمنع دخول الضوء جزئيًا أو كليًا، وذلك حسب درجة العتامة، وعندما تبلغ هذه العتامة حدها الأقصى تضعف الرؤية من رؤية حركة اليد على مسافة قريبة من العين إلى أن تصل إلى الحد الذي لا يميز الإنسان فيه شيئًا مما يراه.
ولتقريب الصورة من القارئ نقول إن زلال البيض شفاف يسمح بمرور الضوء أو يمكن رؤية الأشياء من خلاله، وعند تسخينه فإنه يتجلط ويتحول إلى التوزيع العشوائي ويصبح معتمًا لا يمكن رؤية الأشياء من خلاله، وهذه هي العتامة.
الأسباب التي تؤدي إلى ظهور المياه البيضاء: هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى ظهور المياه البيضاء أو العتامة:
قد يتعرض الإنسان " لخبطة " أو ضربة مباشرة على عدسة العين الموجودة خلف القرنية، الأمر الذي يسبب تغيرًا في طبيعة البروتين أي في ترتيبه وتناسقه وهو ما يسبب تغيرًا في درجة انطواء البروتين في نقطة " الخبطة " أو الضربة، وتكون هذه نواة لاستمرار التغير وزيادة درجات الانطواء والعشوائية.
قد يولد بها الطفل وهو صغير ولا يُعرف لها سبب واضح.
طبيعة العمل، فالإنسان الذي يتعرض لاختلاف درجات الحرارة مثل عمال الأفران فرغم أن العين شحمة تقاوم التغير في درجات الحرارة إلا أن استمرار التعرض لدرجات حرارة عالية قد يسبب هذا التغير التدريجي.
كذلك تعرض الإنسان لأنواع مختلفة من الإشعاع أو الضوء المبهر، وكذلك عمال اللحام الذين لا يستخدمون واقيًا للأطياف المنبعثة من اللحام.
العتامة الناتجة من كبر السن، حيث إن بروتين كبسولة العين لا يتغير منذ الولادة، لذلك يأتي وقت في أواخر العمر تحدث فيه نواة التغير وتستمر حتى تصل إلى حالة العتامة الكاملة.
وجود بعض الأمراض مثل مرض السكر الذي يزيد من تركيز السوائل حول عدسة العين ويمتص ماء العدسة، وذلك يسبب ظهور " الكاتركت " سريعًا.
علاقة الحزن بظهور المياه البيضاء: هناك علاقة بين الحزن وبين الإصابة بالمياه البيضاء، حيث إن الحزن يسبب زيادة هرمون " الأدرينالين " وهذا يعتبر مضادًا " للأنسولين " وبالتالي فإن الحزن الشديد ـ أو الفرح الشديد ـ يسبب زيادة مستمرة في هرمون الأدرينالين الذي يسبب بدوره زيادة سكر الدم، وهو أحد مسببات العتامة، هذا بالإضافة إلى تزامن الحزن مع البكاء.
العلاج بالقرآن: كما سبق وأن أشرت إلى أن عدسة العين مكونة من كبسولة بها بروتين يكون موزعًا ومرتبًا ومنسقًا في صورة صغيرة وأن تغير طبيعة هذا البروتين، أي تغير درجة الترتيب والتنسيق يؤدي إلى توزيع عشوائي الأمر الذي يسبب العتامة، لذلك كان التفكير في الوصول إلى مواد تسبب انفرادًا للبروتين غير المتناسق بتفاعل فيزيائي وليس كيميائي حتى يعود إلى حالة الانطواء الطبيعية المتناسقة، ولما كان هذا الأمر لا يوجد به بحوث سابقة في الدوريات العلمية، لذلك كان يمثل صعوبة في كيفية البداية أو الاهتداء إلى أول الطريق، ولقد وجدنا أول بصيص أمل في سورة يوسف عليه السلام، فقد جاء عن سيدنا يعقوب عليه السلام في سورة يوسف قول الله تعالى: (وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) (يوسف/84).
¥