تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنه لا شيء يمكن أن يقنع الإنسان بالتنازل عن المتاع الزائد عن الحد، المدفوع إليه بفطرته، والالتزام بالحدود التي رسمها الله لهذه الدوافع وأمر الناس ألا يعتدوها لكي لا يعطبوا ولا يهلكوا، لا شيء يمكن أن يقنع الإنسان بذلك إلا الإيمان الجازم بأن ما يتركه هنا في الدنيا ـ من أجل طاعة الله ـ يلقاه في الآخرة مضاعفاً لا في الدرجة فحسب، بل في النوع كذلك، حيث النعيم الخالد الذي لا يزول، والجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأن ما يعصى الله فيه في الدنيا ـ اندفاع وراء شهوته ـ يعذب عليه عذاباً لا تطيقه النفوس والأبدان، وتصبح الموازنة حينئذٍ بين متاع هنا في الدنيا زائف زائل، ليس أقل عيوبه ما يشوبه من القلق الدائم على انتهائه وزواله، ومتاع هناك خالد لا يزول، ومن نوع أجمل وأعمق وأمتع وأصفى .. وموازنة كذلك بين ألم من عدم تحقيق القدر الزائد من المتاع، وهو محتمل في جميع أحواله، وألم في الآخرة يفوق طاقة الاحتمال ..

وحين توضع الموازنة في هذه الصورة يكون من الحماقة الشديدة ـ ولا شك ـ إضاعة النعيم الخالد بالنعيم الزائل، والدخول في العذاب الأليم الذي لا يطاق اتقاء لألم مؤقت لا يلبث أن يزول!

لذلك كان التركيز الشديد على عقيدة اليوم الآخر .. لأنها هي الثقل الذي يعادل جاذبية الشهوات ..

ثم إن العجينة البشرية عجينة لا تستقر بسهولة في داخل القالب الذي تتحقق به سلامتها في الدنيا والآخرة، وإنما هي دائمة التلوّي والتحرك مندفعة خارج حدود القالب، تريد أن تنفلت مع الشهوات، ومن ثم فهي لا تنضبط مرة واحدة وينتهي الأمر ويستقر بهاالمقام! إنما هي حاجة إلى عملية ضبط دائمة لا تكلّ ولا تفتر، لأنها هي لا تفتر عن الاندفاع والاندلاع [إلا أن تستقيم بعد طول مجاهدة وتطمئن إلى طريق الله]، لذلك لا يكفي أن يذكّر الإنسان بالآخرة مرة ثم ينتهي الأمر! إنما يحتاج الأمر إلى التذكير الدائم باليوم الآخر وحسابه، وثوابه وعقابه .. وذلك ما يفعله القرآن!

[دراسات قرآنية، محمد قطب، ص66]

ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[09 Feb 2006, 07:03 ص]ـ

جزاك الله خيراعلى هذا الاختيار

ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[09 Feb 2006, 08:28 ص]ـ

الفرق بين (لله ما في السموات وما في الأرض) و (لله ما في السموات والأرض)


سبب ذكر وحذف ما في قوله تعالى في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وسورة الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي سورة الصف ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) واختلاف صيغة الفعل سبح فجاء سبح بصيغة الماضي كما في آيتي سورة الحشر والحديد وجاء يسبح في صيغة المضارع كما في سورة الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1))

القاعدة عامة ثم نعود إلى الآيات حقيقة لتثبيت هذه القاعدة العامة. هو العطف ممكن أن يكرر المعطوف عليه ويمكن أن يحذف *يعني مثلاً يمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وفضائيتكم ويمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وما في فضائيتكم. لكن لو نظرت الى الجملتين ستجد أنه في الإعادة هناك نوع من التمييز لما يقول الانسان لشخص: ستحاسب على ما قلت وفعلت، لاحظ الجمع هما شيئان لكن ضمهما إلى بعضهما غير لما يقول: ستحاسب على ما قلت وما فعلت، ميّزهما تمييزاً. هذا قول الباري عز وجل: (سبح لله ما في السموات والأرض) جمع الكلمتين ضمّهما إلى بعضهما لكن لما يقول (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) فصلها وخصصها.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير