تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 05:08 م]ـ

المثالان الأول والثاني

----وهو من أحسن الاختصار والإيجاز) [وانظر (التعبير القرآني) للدكتور فاضل السامرائي ص34 - 35].

-----حيث لم يكن (بتقبل) جرياً على الأول [كذا، ولعل الصواب (الأصل)].

"

سقط عند إرسال هذه المشاركة هامشاها، وقد أثبتُّهما، استدراكاً، هنا، وميزتهما بالحمرة والوضع بين حاصرتين.

"

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 05:19 م]ـ

"

المثال الرابع

قوله تعالى (إن رحمة الله قريب) دون (إن رحمة الله قريبة)

قال تعالى في سورة (الأعراف): (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ {56}).

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/ 541) بعد كلام نقله عن بعض العلماء في قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين):

(فعلى هذا يكون الأصل في الآية: (إن الله قريب من المحسنين، وإن رحمة الله قريبة من المحسنين) [قلت: ففي الآية ما يشبه الاحتباك]، فاستغنى بخبر المحذوف عن خبر الموجود وسوغ ذلك ظهور المعنى.

وهذا المسلك مسلك حسن إذا كسي تعبيراً أحسن من هذا وهو مسلك لطيف المنزع دقيق على الأفهام وهو من أسرار القرآن.

والذي ينبغي أن يعبر عنه به أن الرحمة صفة من صفات الرب تبارك وتعالى والصفة قائمة بالموصوف لا تفارقه لأن الصفة لا تفارق موصوفها فإذا كانت قريبة من المحسنين فالموصوف تبارك وتعالى أولى بالقرب منه بل قرب رحمته تبع لقربه هو تبارك وتعالى من المحسنين.

وقد تقدم في أول الآية أن الله تعالى قريب من أهل الإحسان بإثابته ومن أهل سؤاله بإجابته وذكرنا شواهد ذلك وأن الإحسان يقتضي قرب الرب من عبده كما أن العبد قرب من ربه بالإحسان، وأن من تقرب منه شبراً تقرب الله منه ذراعاً ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً.

فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين ورحمته قريبة منهم وقربه يستلزم قرب رحمته ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة وأن الله تعالى قريب من المحسنين وذلك يستلزم القربين قربة وقرب رحمته ولو قال إن رحمة الله قريبة من المحسنين لم يدل على قربه تعالى منهم لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته والأعم لا يسلتزم الأخص بخلاف قربه فإنه لما كان أخص استلزم الأعم وهو قرب رحمته.

فلا تستهن بهذا المسلك فإن له شأناً وهو متضمن لسر بديع من أسرار الكتاب وما أظن صاحب هذا المسلك قصد هذا المعنى ولا ألم به وإنما أراد أن الإخبار عن قرب الله تعالى من المحسنين كاف عن الإخبار عن قرب رحمته منهم فهو مسلك سابع [قلت: كأنها محرفة عن (سائغ)] في الآية وهو المختار وهو من أليق ما قيل فيها.

وإن شئت قلت: قربه تبارك وتعالى من المحسنين وقرب رحمته منهم متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر فإذا كانت رحمته قريبة منهم فهو أيضاً قريب منهم.

وإذا كان المعنيان متلازمين صح إرادة كل واحد منهما فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين من التحريض على الإحسان واستدعائه من النفوس وترغيبها فيه غاية حظ وأشرفه وأجله على الإطلاق وهو أفضل إعطاء أعطيه العبد وهو قربه تبارك وتعالى من عبده الذي هو غاية الأماني ونهاية الآمال وقرة العيون وحياة القلوب وسعادة العبد كلها.

فكان في العدول عن قريبة إلى قريب من استدعاء الإحسان وترغيب النفوس فيه ما لا يتخلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته ولا قوة إلا بالله تعالى).

"

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[09 Feb 2006, 10:42 ص]ـ

"

"

المثال الخامس

(الرياح) و (الريح)

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في (بدائع الفوائد) (1/ 118) بعد كلام ذكره:

(ومن هذا الباب ذكر الرياح في القرآن جمعا ومفردة فحيث كانت في سياق الرحمة أتت مجموعة وحيث وقعت في سياق العذاب أتت مفردة وسر ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهاب والمنافع وإذا هاجت منها ريح أنشأ لها مما يقابلها ما يكسر سورتها ويصدم حدتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكل ريح منها في مقابلها ما يعدلها ويرد سَورتها، فكانت في الرحمة ريحاً؛ وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه واحد وحمام واحد لا يقوم لها شيء ولا يعارضها غيرها حتى تنتهي إلى حيث أمرت لا يرد سورتها ولا يكسر شرتها فتمتثل ما أمرت به وتصيب ما أرسلت إليه ولهذا وصف سبحانه الريح التي أرسلها على عاد بأنها عقيم فقال: (أرسلنا عليهم الريح العقيم) [الذاريات 41] وهي التي لا تلقح ولا خير فيها والتي تعقم ما مرت عليه.

ثم تأمل كيف اطرد هذا إلا في قوله في سورة يونس (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم (1) بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف) [يونس 22] فذكر ريح الرحمة الطيبة بلفظ الإفراد لأن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد سيرها، فإذا اختلفت عليها الرياح وتصادمت وتقابلت فهو سبب الهلاك فالمطلوب هناك ريح واحدة لا رياح.

وأكد هذا المعنى بوصفها بالطيب دفعاً لتوهم أن تكون ريحاً عاصفة بل هي مما يفرح بها لطيبها).

وقال ابن القيم في نهاية ذلك الفصل وقد ذكر فيه مسائل مهمة من أسرار التعبير القرآني:

(فلينزه الفطن بصيرته في هذه الرياض المونقة المعجبة التي ترقص القلوب لها فرحاً ويتغذى بها عن الطعام والشراب والحمد لله الفتاح العليم؛ فمثل هذا الفصل يعض عليه بالنواجذ وتثنى عليه الخناصر فإنه يشرف بك على أسرار عجائب تجتنيها من كلام الله والله الموفق للصواب).


(1) هذا الالتفات لعل معناه أن جريان السفينة بالناس بريح طيبة يكون في الغالب سبباً في غفلتهم عن ذكر الله ودعائه وفي نسيان ضرورتهم إلى عونه وتوفيقه وحمايته، وفي غيبتهم عن ذلك كله، فخاطبهم خطاب الغائبين، وهذا من بلاغة الالتفات.
"

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير