ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:30 م]ـ
ناصر الماجد المحترم
لدي سؤال ربما يعتبر جانبيا:
تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
ما هو معنى (الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) ... (الأولى) في نظركم على وجه التحديد؟
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[27 Feb 2006, 11:54 ص]ـ
الأستاذ الكريم موراني: تحية طيبة، وأشكر لك قراءتك لهذا الموضوع
مسألة المراد بالجاهلية الأولى وقع فيها خلاف قديم ـ كما تعلم ـ بين المفسرين حتى فيما نقل عن الصحابة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تقسيم الجاهلية باعتبار الفترة الزمنية إلى جاهليتين: الجاهلية الأولى، والجاهلية الأخرى.
فأما الجاهلية الأولى: فقد اختلفوا في تحديدها في أقوال كثيرة؛ منها: أنها بين آدم ونوح أو بين نوح وإبراهيم أو زمن داود وسليمان عليهم جميعاً السلام.
أما الجاهلية الأخرى: فجعلوا المراد بها الفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومستند تقسيمهم هذا؛ الإضافة في قوله تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) قال في البحر المحيط موجهاً هذا الرأي: " يدل على أن ثَمّ جاهلية متقدمة وأخرى متأخرة ".
والذي يظهر - والله أعلم - أن الجاهلية المشار إليها في الآية الكريمة، هي ما كان عليه العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن الله نهى أمهات المؤمنين عن تبرج نساء الجاهلية الأولى، ومن المسلَّم به: أن المرء لا ينهى عن مشابهة شيء إلا وهو على علم تام بصفة ما نهي عنه، وإذا صح هذا؛ فكيف ينهي أمهات المؤمنين عن شيء لم يدركنه؟ ويفصله عنهن مدة طويلة من الزمن -على نحو ما ذكر القائمون بهذا-!
قال ابن عطية: "والذي يظهر عندي، أنه إشارة للجاهلية التي لحقنها، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة".
يؤكد هذا، الاضطراب الواضح الذي نراه في تحديد زمن الجاهلية الأولى، عند أصحاب هذا الاتجاه؛ مما يُشْعِر أنها لم تكن مشهورة أو معروفة عند الصحابة، وإلا ما وقع هذا الاختلاف بينهم في تحديدها.
بقي أن يقال فما الجواب عن هذه الإضافة في قوله ((الجاهلية الأولى))؟
يتلخص كلام المفسرين في اتجاهين، جوابا عن هذه الإضافة وتوجيها لها:
الأول: إنما قيل: ((الجاهلية الأولى)) باعتبار تقدمها على الإسلام، قال الزجاج: " فإن قيل: لم قيل: الأولى؟ قيل: يقال لكل متقدم ومتقدمة: أول وأولى، وتأويله أنهم تقدموا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أولى وهم أول من أمة محمد"
قال ابن عاشور في تأييد هذا الوجه " ووصفها بالأولى وصف كاشف لأنها أولى قبل الإسلام وجاء الإسلام بعدها، كقوله تعالى: ((وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى)) وكقولهم: العشاء الآخرة. وليس ثمة جاهليتان: أولى، وثانية، ومن المفسرين من جعلوه وصفاً مقيداً، وجعلوا الجاهلية جاهليتين ... ووضعوا حكايات في ذلك مختلفة أو مبالغاً فيها أو في عمومها، وكل ذلك تكلف دعاهم إليه حمل الوصف على قصد التقييد"
الثاني: أن الجاهلية الأولى: جاهلية الكفر قبل الإسلام، والأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام قال الزمخشري موجهاً هذا القول: " فكأن المعنى ولا تحدثن بالتبرج جاهلية في الإسلام تتشبهن بها بأهل جاهلية الكفر"
قال ابن جرير: " فإن قال قائل: أوفي الإسلام جاهلية حتى يقال: عنى بقوله: ((الجاهلية الأولى)) التي قبل الإسلام؟ قيل: فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية".
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـ[موراني]ــــــــ[27 Feb 2006, 12:33 م]ـ
د. ناصر الماجد المحترم
لكم شكري الجزيل على هذه المعلومات المفيدة من خلال اعتمادكم على المصادر النافعة
في شرح مفهوم هذه العبارة المطروحة في الموضوع.
تفضل بقبول أطيب التحيات وأعطرها
موراني
ـ[الكشاف]ــــــــ[04 Mar 2006, 04:44 م]ـ
وردت مادة "جهل" في القرآن، وأساس معنى "الجهل" هو: الخفة والطيش. والجهل خلاف العلم، لأنه يدفع صاحبه إلى الخفة والطيش والاضطراب والقلق، والجاهل هو غير العالم وغير العارف، وهو مندفع خفيف طائش، لا حلم عنده ولا اتزان.
ولهذه المادة ثلاثة مصادر: المصادر القياسي: "جهل" على وزن: "فعل". تقول: جهل يجهل جهلاً. والمصدر السماعي: "جهالة"، على وزن "فعالة". والمصدر الصناعي: "جاهلية".
¥