وقد دار الحديث حول كتاب (الموضح) هذا، ومنهجه الغريب، فأخبرني أنه قد تنبه قديماً لهذه المسألة، وأنه قد ناقش المحققَ ودعاه إلى زيارته في منزله في المدينة المنورة عندما كان الدكتور محمد أستاذاً بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية هناك، وبَيَّنَ له خطأه في نسبة هذا الكتاب للحدداي، وطلب منه صورةَ المخطوطة التي اعتمد عليها، فاتضح للدكتور محمد أَنَّ الخطأ الذي وقع فيه المحقق، هو أَنَّه لَفَّقَ هذا الكتابَ، وأضاف إليه من عنده أموراً ولم يبين ذلك للقارئ. وأن الكتاب في حقيقته لرجلٍ قام بتجريد الشواهد الشعرية وموضع الاستشهاد من تفسير الحدادي الكبير المسمى بالموضح في التفسير.
وأخبرني الدكتور محمد أجمل الإصلاحي أنه كتب مقالة طويلة نشرها في ملحق التراث الذي يصدر عن جريدة المدينة في العدد 34، السنة 15، بتاريخ 6/ 6/1412هـ الموافق 12/ 10/1991م.
فطلبت منه تزويدي بهذا المقال، فتفضل به مشكوراً، وهو بعنوان:
أهذا كتاب الموضح لعلم القرآن للحدادي!
وهذا نص المقال بعد مقدمة تعريفية بالحدادي:
لحسن حظنا تحتفظ مكتبة تشستربيتي – فيما تحتفظ به من نوادر التراث الإسلامي – بمجموع يحتوي على عدة كتب قيمة، منها كتاب في علوم القرآن للحدادي، رقم المجموع 3883، والكتاب المذكور فيه من ق246 إلى ق368، وقد فقدت الورقة الأولى التي فيها عنوان الكتاب، غير أن المفهرس سماه (المدخل في علم تفسير القرآن)، ولعله اعتمد في هذه التسمية على ما ورد في مقدمة المؤلف: (وجعلته مدخلاً لعلم تفسير كتاب الله تعالى ومعانيه).
وقد صدر هذا الكتاب عن دار القلم بدمشق سنة 1408هـ، بتحقيق الأخ الشيخ صفوان عدنان داودي، باسم (المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى).
http://www.tafsir.net/images/madkhal.jpg
والظاهر أن الاسم مأخوذٌ من المقدمة، ولكن الأخ المحقق أعرض كل الإعراض، في مقدمته الطويلة التي جاءت في 48 صفحة، عن قضية عنوان الكتاب، كأنه أمر مسلم لا نزاع فيه، وكأن الكتاب كان مشهوراً بهذا الاسم بين العلماء والباحثين.
وجدير بالذكر بهذا الصدد أن في دار الكتب المصرية نسخة مصورة من كتاب (المنتخب من تحفة الولد للإمام المفسر أحمد بن محمد الحدادي)، وصاحبه أبو محمد علي بن القاسم البامياني، وذكر في فهرس دار الكتب (3/ 114) أنه (في علم الوجوه والنظائر الواردة في القرآن الكريم، مرتب على 127 باباً).
وإنني أرجح أن المراد من (تحفة الولد) كتاب (المدخل) هذا، فإن الحدادي صرح في مقدمته بذلك قائلاً: (صنفت كتابي هذا تحفة مني لولدي محمد ... ). وفي آخر الكتاب أبواب من الوجوه والنظائر، فلعل البامياني اختار هذه الأبواب في المنتخب.
والأمر الذي يثير التساؤل هو اسم الكتاب (تحفة الولد. أهذا هو الاسم الذي سماه به مؤلفه، أم استخرجه البامياني من مقدمة المؤلف، كما فعل مفهرس مكتبة تشستربيتي، ومحقق الكتاب؟
وقد ذكر أبو النصر الحدادي في مقدمة كتابه هذا (ص51) كتاباً آخر له صنفه قبل هذا الكتاب، وسَمَّاه (الموضح لعلم القرآن). ومن هنا ذكره محقق المدخل في ترجمة الحدادي، ثم بشرنا بوجود نسخة منه عنده، وعزمه على نشره، ولكن الغريب أنه لما نشره عام 1408هـ خالف المؤلف في تسمية كتابه، وسماه (الموضح في التفسير)! ولا ندري ما الذي حمله على ذلك؟ ومرةً أخرى، لم يتناول قضية العنوان في مقدمته، كأنه أمر تأباه صناعة التحقيق.
أما مخطوطة الموضح فأشار إليها المحقق في مقدمته (ص20) بأنها (في مكتبة تشستربيتي ضمن مجموع)، كما ذكر من قبل عن نسخة كتاب المدخل في مقدمته (ص45) أنها (مخطوطة في مكتبة تشستربيتي في إيرلندا) واكتفى بذلك، فلم يذكر هنا ولا هناك رقم هذه ولا تلك. مع أن الكتابين جزء من مجموع واحد، وهو المجموع الذي أشرتُ إليه من قبل، وكان يحسن بالأخ المحقق أن يصرح بذلك في مقدمة الكتابين.
وليس من غرضي هنا نقد عمل المحقق في إخراج الكتابين، إلا أنني أحب أن أؤكد حاجة الباحثين إلى نشرة جديدة أمينة لكتاب (المدخل) روعيت فيها قواعد النشر المتفق عليها، ليصح الاعتماد عليها في الدراسة والبحث.
¥