((وتكمن ذروة المفارقة في ان الاقتراع رسى على يونس باعتباره الشخص غير المرغوب به والذي سبب أزمة السفينة] والحقيقة ان نتيجة القرعة كانت صائبة بطريقة ما، فلو كان لتلك الآلهة وجود لاعتبرت يونس غير مرغوب به باعتباره يمثل خطرا مباشرا عليها – لكن ذلك لا علاقة له على الاطلاق بأزمة السفينة [المهم هنا ان يونس وجد نفسه محاصرا بكل المفاهيم والعادات والقيم المستندة على مجتمع الجهل والخرافة، محاصرا لا بالمعنى المجازي – بل بمعنى مباشر، بمعنى يتهدد حياته مباشرة هو الذي هرب من نينوى فرارا من مسؤولية المواجهة والتغيير فوجد نفسه في البحر – في المكان الذي تصوره آمنا من المسؤولية – محاصرا بالقيم التي هرب من مواجهتها – فأين المفر؟.
لا مفر هناك. انك ان لم تحارب، فانهم سيحاربونك في كل الأحوال.
وستكون مهزوما في كل الأحوال لانك لم تحارب أصلا. كانت هذه الرسالة الواضحة عبر الموقف لا لصاحب الحوت فحسب ولكن ربما لنبي اخر، مثل يونس، ربما مر بذلك الشعور الذي ساور يونس: الرغبة في الهروب - والخوف من المسؤولية – فنزل عليه الوحي: لا تكن كصاحب الحوت .. ))؟،
* و كذا و هل يليق مثل هذا القول بحق و منزلة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام:
((ان محمدا – المكي العريق – كان اعرف من غيره بصعوبة مهمته – بل وباستحالتها لو نظرنا كما نظر الكثيرون وقتها – لذلك كان يمكن ان تساوره تلك التساؤلات – ويتمنى لو ان تلك المسؤولية لم تلق على كتفيه هو ..
بل انه – على فرضية انه في تلك المرحلة المبكرة جدا كان يعرف ان رسالته ستكون موجهة للعالم اجمع لا للعرب بالخصوص – فانه ولابد كان سيمتلئ رعبا من تلك المسؤولية: الروم؟ وفارس؟ هو الذي لا يزال وحيدا ولا يعرف كيف يمكن له ان يهزم ويغير قريشا – فإذا بمسئوليته تتعدى ذلك إلى الروم وفارس والعالم اجمع من بعدهما؟ ..
.. كان ذلك قولا ثقيلا فعلا. ولابد انه كبشر – كان يمكن لليأس ان يتملكه من قدرته على تغيير العالم: شخص أمي رغم كونه كريم النسب، في الأربعين دونما عقب من أولاد ذكور، فقير تقريبا الا من ما تملكه زوجته – وكانت تلك مؤهلات اقل من عادية في مجتمع مثل مجتمع مكة – فإذا بصاحب تلك المؤهلات الأقل من العادية يجد نفسه أمام مهمة ضخمة: التغيير. لا مجتمعه فحسب – على صعوبة تلك المهمة وحدها بل العالم اجمع وكان ذلك كثيرا جدا ذلك ان محمدا كان قبل كل شئ وبعد كل شئ أنسانا – مثلما كان يونس، إنسان يمكن لليأس ان يغزوه – يشله، يوحي له بالفرار من المسؤولية كما فعل يونس .. كان يمكن لكل ذلك ان يحدث ..
ولكن: نزل الوحي: (فاصبر لحكم ربك. ولا تكن كصاحب الحوت).)).؟
* * * * *
- و لم يكن العتاب على الأخ الناقل للكلام المذكور، و لكن كان الاعتراض و اللوم كاتبه،
فما وجه الملام علينا إذن،
و هل نلتزم الصمت فيما يمسّ نبينا الكريم لنشجع غيرنا على المشاركة و الكتابة؟
- أحسب أنك لا تقولين بهذا.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[25 Feb 2006, 09:53 م]ـ
لا باس في النقاش، سواء مع كاتب الموضع او ناقله الذي هو انا.
هل للأخ الدكتور ان يبين لي شخصيا مالخطأ في هذا الامر؟
اليست انسانية الرسول هي من اعظم مميزات ديننا الذي ابتعد عن الغلو و الافراط في الانبياء - صلوات الله عليهم-مع حفظ كامل الاحترام لهم و لمكانتهم؟
اليس في وجود الامر الموجه الى الرسول الكريم صلوات الله و سلامه عليه -بأن لا يكون مثل صاحب الحوت دلالة معينة يبنغي علينا فهمها و اخذ العبرة منها؟
و هل فقر النبي عليه الصلاة و السلام و كونه بلا اولاد ذكور عيبا علينا ان نخفيه؟
لقد كانت تلك مفاهيم جاهلية و كانت عيوبا حسب الاعراف الجاهلية التي غيرها الاسلام و نسفها من جذورها.
ان اعظم ما في ديننا هو ان رسولنا الكريم ليس "ايقونة" نغلو فيها كما فعل البعض، و لكنه بدلا من ذلك" قدوة" لنا ..
و اهم ما في هذه القدوة هو انها بشر بكل ما في الكلمة من معنى ايجابي و قابل للتمثل و الاقتداء.
" ما كنت الا بشرا رسولا"
بشرا بأكل الطعام و يمشي في الاسواق و كما قال عليه افضل الصلاة و السلام:
ما انا الا ابن امرأة كانت تأكل القديد في بطن مكة ..
الذين يغلون في النبي عليه الصلاة و السلام هم الذين أجدر بأن ننصحهم ..
¥