تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذكرت السورة الكريمة نموذجاً من التاريخ يؤكد مصداقية السنة، وشُبّه أمر قريش بأمره: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) / ................ / كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54)، وهاتان الآيتان أحاطتا بآية هي قانون عام تخضع له البشرية على مر العصور: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)، وفي هذه الآية الكريمة تنبيه على أهمية عامل (الإخلاص) في إحراز النصر، لأن الرياء من أهم أسباب زوال النصر وجلب الهزيمة.

* العقيدة الراسخة بأن الله تعالى هو الذي يتولى زمام المعركة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) / هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)، الله عز وجل وحده هو الذي أيده بنصره، على معنى القصر المستفاد من المسند والمسند إليه، فليس الفضل في هذا النصر إلا لله تعالى، ومن هذا: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)، وأيضاً: وَلَكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)، وكذلك: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2).

* الولاية: وهي النصرة، ونقيضها الخيانة، وخطر الخائن أكبر من خطر العدو الظاهر، لأنه مأمون الجانب بناء على ما يُظهر، والخيانة من أخطر ما يعرض الأمة للهزيمة، لذلك كان التركيز في ختام سورة الأنفال على الإيمان والهجرة والجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله والنصرة، وما يتبع ذلك من الولاية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73).

إذا أصيب عامل (الولاية) بخلل، فإن القوات المحاربة تصاب في تماسكها وقوتها، وكيف ينتصر جيش من الجيوش على عدوه وولاء أفراده موزع ذات اليمين وذات الشمال!

* العنصر الفكري: يتمثل هذا العنصر بوجود هدف لكل طرف من أطراف المعركة يسعى لتحقيقه، وهدف الطرف الأول يختلف عن الثاني، فيحدث التصادم والصراع، وهو ما يسمى بحتمية التدافع.

وفي نهاية السورة عاتب الله نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في قضية الأسرى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)، وهو عتاب ونهي عن أخذ الأسرى طلباً لعرض الدنيا، فجاء التوجيه الإلهي للمسلمين ليرتفعوا بأهدافهم، وليرتفعوا عن أعراض الدنيا، وينظروا إلى ما هو أسمى من هذا، فيجعلوا الآخرة نصب عيونهم، حتى لا تجذبهم الدنيا إلى الأرض، وتمنعهم من العلو والرفعة.

* العنصر الطبيعي: المقصود بالعنصر الطبيعي هو ما يحيط بالمعركة من عناصر طبيعية جغرافية لا دخل لكلا الجيشين بها، ومن المعروف أن العمليات تتأثر تأثراً كبيراً بطبيعة الأرض التي تدور عليها المعركة، وقد أشارت سورة الأنفال إلى موقع معركة بدر: إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42).

لقد كانت الأرض التي نزل بها المسلمون سبباً من أسباب نصرهم لصلابتها، والأرض التي نزل بها المشركون سبباً من أسباب هزيمتهم لليونتها وصعوبة المسير عليها، وهكذا تكون الأرض سبباً من أسباب النصر والهزيمة.

والله تعالى أعلم بالصواب .. وأحكم ..

**********

أختي رحيل ... حفظها الله،

هذه ومضات أسأل الله أن تضيء لك سبيلَ إعداد بحثك، تستطيعين بالاعتماد عليها ـ إنْ أعجبتك ـ بناء بحثك وَفق طبيعة المادة التي تطلبت هذا البحث، فإن كانت مادة (نحو) فبإمكانك صياغة البحث بحيث تبرز فيه الصبغة النحوية، ولا بد من تشكيل المعلومات لتصب في هذا الاتجاه.

ولا بد من الانتباه إلى هذه الجمل الاسمية حين يأتي خبرها اسماً وحين يكون فعلاً، وبيان دلالة ذلك، كما تم بيانه في الرابط المذكور سابقاً.

**********

مع تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير