تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) / وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) / وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) / إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52): هذه الآيات تذكر بقوة الله وبأسه، وأن عقابه شديد يستحقه من وقف خصماً لله، وحارب دينه، والحق الذي جاء له رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومعرفة صفات الله القوي تقوي في المؤمنين شعور الثقة بأنه سينتصر للحق، وسيدمر الباطل، وأنه مهما عظمت القوة المادية للأعداء، فإن الله غالب على أمره لا يقف في وجهه شيء.

فعقيدة التوحيد إذن هي سر قوة المجاهدين يوم بدر، وسبب نجاحهم، وهي سبب كل نصر.

* الطاعة: وهي تمثل علاقة القاعدة بالقيادة، والطاعة تعكس مدى إيمان الجندي بقيادته، لأنها سلوك عملي محسوس يترجم الاعتقاد القلبي غير المحسوس، فيُعلم من سلوك الطاعة الصادق من الكاذب، ويظهر أثر الطاعة واضحاً حين نعلم أنها تؤثر على نتيجة المعركة بشكل مباشر، حيث إن القائد لن يستطيع أن يشرع في تنفيذ خططه إذا لم يكن متأكداً من طاعة جنوده، وقد نعت الآية التالية على الذين لا يسمعون سمع إذعان وطاعة، ووصفتهم بأنهم شر الدواب: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22).

* روح الجماعة: بدأت السورة المتحدثة عن أعظم غزوة شهدها التاريخ ـ بدأت بالأمر بإصلاح ذات البين (آية 1)، إيذاناً بأهمية هذا الأمر عاملاً من عوامل النصر، حيث إنه يجب أن تحل علاقة الألفة والمحبة والتماسك بين الجنود بدلاً من أي علاقة أخرى يشوبها البغض أو الفرقة، لأن الجنود في خط الدفاع الأول والأهم أمام الأعداء، فإن كان هذا الخط مهزوزاً مفككاً، يسهل عندئذٍ القضاء عليه، ويبقى الوطن عارياً من وسائل الدفاع:

وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)

الفضل في زرع الألفة في قلوب المؤمنين يعود لمن يملك القلوب، حيث نزع الله تعالى التباغض من قلوبهم، فاتحدت كلمتهم، وأخذوا يرمون عن قوس واحدة، فنالوا النصر الذي لا يُنال إلا بالأسباب.

* معرفة سنن الله تبارك وتعالى: إن الأحداث التي تجري في العالم لا تجري صدفة ولا خبط عشواء، بل للعالم قانون يحكم الأحداث التاريخية، ويخضع له البشر في تصرفاتهم وأفعالهم، هذا القانون أطلق عليه اسم: (السنن الإلهية)، ومعرفة السنن ذات قيمة عظيمة في إحراز النصر، وتؤثر على سلوك الجنود في المعركة، ومن فوائد هذه المعرفة أن المجاهد حين يعلم أن السنة الإلهية لا تتخلف (ثابتة)، حيث إنها تعبر عن إرادة الله وحكمته، وحكمة الله نصر عباده المؤمنين ... حين يعلم المقاتل هذا فإنه سيقاتل وهو مطمئن أن الله سينصره؛ لأن من سنته نصر الحق: إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) / ومن سنته تعالى أن يحطم من يقف في وجه عباده: ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18):

"قاعدة وسنة، لا فلتة ولا مصادفة .. قاعدة وسنة أنه حيثما انطلقت العصبة المسلمة في الأرض لتقرير ألوهية الله وحده، وإقامة منهج الله وحده، ثم وقف منها عدو لها موقف المشاقة لله وللرسول، كان التثبيت والنصر للعصبة المسلمة، وكان الرعب والهزيمة للذين يشاقون الله ورسوله، ما استقامت العصبة المسلمة على الطريق، واطمأنت إلى ربها، وتوكلت عليه وحده، وهي تقطع الطريق". [في ظلال القرآن، سيد قطب، (820:3)].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير