تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكان الخروج من بطن الحوت بالرؤية المختلفة والمشروع المغاير والنفسية المستعدة للمواجهة وبثمرة الامل في العراء – هو الدرس والعبرة التي استوعبها عليه افضل الصلاة والسلام مبكرا في مرحلة شبيهة بمرحلة بطن الحوت: الياس، الوحدة والظلمة ..

وكان الخروج من بطن الحوت يعني شطب كلمة الياس من معجمه واقتلاع جذور السلبية من نفسيته وكان العبور بالنسبة له هو ايمانه بقدرته على التغيير،على التحدي، على ان تنبت الثمرة فيه .. في داخله.

لكن اليوم ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل حقا؟.

واليوم نستطيع ان تكون حكاية صاحب الحوت مجرد حكاية اخرى تروى للاطفال عن معجزة الرجل الصالح الذي ابتلعه الحوت ولم يمت. او ان تكون ملحمة تحمل في ثناياها مفتاحا لنا للخروج من بطن الحوت. او شمعة تضئ الظلمة ولو ببصيص صغير ..

نستطيع ان نختار: في بطن الحوت الذي انزلقنا اليه: حوت العولمة والهيمنة الامريكية والشركات عابرة القارات وصندوق النقد الدولي ووحدانية السوق ومؤسسات الاعلام الحاذق الذي ينتقل عبر الاقمار الصناعية دونما تأشيرة او رقابة – في بطن هذا الحوت الذي التقمنا – علينا ان نختار البقاء فيه – إلى يوم يرجعون – او الخروج منه ..

البقاء في بطن الحوت؟. انه يعني قطعا الموت. بل لعل الانقراض هو التعبير الادق والمطبلون في زفة العولمة الحالمون بدولة الرفاهية بجنة الاستهلاك وبارض الاحلام – لا يدركون ان المضي بالزفة إلى نهايتها لن يجعلهم مواطنين في دولة الحلم الامريكي كما يريدون – بل سيجعلهم في احسن الاحوال رقم اخر في سلسلة البطالة بنسبتها المتزايدة – بسبب التغييرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي المصاحب للعولمة – وهي النسبة التي ستبلغ 80% - حتى في الدول الغربية – وسيعيش هؤلاء الـ80% في احسن الاحوال على فتات الصدقة التي تتبرع بها طبقة الملأ الاحتكاري ..

لكن ليس كل الباقين في بطن الحوت مطبلين في زفة العولمة بل هناك من يرفضها لكن يرفض مواجهتها. ياسا طبعا ويفضل الانكفاء على ذاته الممزقة وهويته الضائعة وبضعة كتب ومجلدات وطقوس وشعائر مفرغة من وظيفتها الاجتماعية .. وانتظار ليوم اخر ينتصفون فيه ممن ظلمهم. وهؤلاء ايضا باقون في بطن الحوت إلى يوم يبعثون.

اما الخروج من بطن الحوت فيبدأ من ذلك الخط الفاصل بين الخيط الابيض من الاسود من الفجر.

يبدء من الايمان في الداخل بالقدرة على التغيير – القدرة على العمل – على المواجهة. يبدء من اقتلاع جذور السلبية والكسل والتواكل، .. غرس جذور بديلة لقيم بديلة: قيم الايجابية والعمل والثقة بالنفس ..

يبدء من الايمان ان بامكان رجل واحد الكثير: ان يدعو مائة ألف او يزيدون

من الايمان اذن من نقطة محورية جدا في الايمان تبدء عملية الخروج من بطن الحوت.

وهي نقطة محورية وتتعلق بخيارنا وقرارنا في جزء منها.

ان نبقى في بطن الحوت: الظلمة والهيمنة الاحتكارية والبطالة والتخلف وقيم السلبية او ان نخرج إلى فضاء الله الرحب: الايجابية والعمل والتحدي – مهما كانت الصعوبات.

باختصار: هامبرغر أم يقطين؟

ولا مفر من الاختيار.

من كتاب: البوصلة القرآنية احمد خيري العمري دار الفكر دمشق

ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 03:12 ص]ـ

يرجى متابعة الموضوع الاصلي: لا تكن كصاحب الحوت، الاية الاولى: اقرأ، عداس .. !

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير