قلت أخي الدكتور مساعد الطيار "فلقد كثر القول من بعض المعاصرين في التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القديم، ورأوا أن عصر التفسير التحليلي_كما يسمونه_ قد أنتهى، وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حل المشكلات والإجابة عن المعضلات وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر وهذا ضرب من القول لا براهن له، بل هذا اللون من عرض الآيات والاستنباط منها مما يستفاد منه في المحاضرات والكلمات والتفسير على الأسلوب المعهود باق ولا يمكن إزالته والبعد عنه.
ولا أدري لماذا يذهب من يصل إلى فكرة جديدة إلى نقد السابق أو نقضه لكي يُثبِت حُسْنَ ما عنده؟!
لماذا لا يكون المجدِّدُ في مثل هذه العلوم بانيًا لا هادمًا، ويكون ذاكرًا لما فعله سلفه، مستوعبًا لما قدَّموه مستفيدًا مما طرحوه، ولا يكون ممن يرى إمكانية ترك السابق والإتيان بما لا يمتُّ لهم بصلةٍ؟ "
أقول: بل إنه لا يمكن الإستغناء عن التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القدم عوضاً عن إزالته والبعد عنه، فلا يفهم أبداً من أنصار طريقة التفسير الموضوعي أنهم يسعون إلى إنكار الآخر، بل إنهم يؤكدون على أهمية التفسير التحليلي والاغتراف منه قبل شروع أي باحث أو مفسر في الكتابة بطريقة التفسير الموضوعي، كما أكد لنا شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله في أكثر من مرة وقبل أن يصل رأيك إلينا، فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ألست معي في أن مجال العلم بالتفسير يسع المدارس الكثيرة المتعددة؟ فلم لا يسع هذا المجال الطريقة الموضوعية في التفسير؟؟ "
وانظر أخي حفظك الله إلى العلاقة بين التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير يتضح لك جلياً أن العلاقة علاقة تكامل لا علاقة تصادم.
(فإن التفسير مطلقاً_بصرف النظر عن مناهجه الأربعة_ غايته وهدفه واحد وهو البحث في كلام الله عز وجل والتنقيب عن معاني الوحي القرآني وبالتالي لا يمكن عملياً الفصل الحرفي والدقيق بين مناهج المفسرين أثناء عمليات الكشف عن مراد الله تعالى، فالإختلاف لا يصل إلى حد التباين والإنفصال والتضاد بل هو إختلاف تنوع وتعاضد) (1)
وحتى تتضح الصورة لديك أكثر أسمح لي أن استعرض لك ما يستفيده التفسير الموضوعي من باقي أنواع التفاسير:
(فمثلاً: يستفيد من المنهج التحليلي بأن خلاصة المعاني التحليلية تشكل مادة علمية تستعمل لتصوير معنى كلي وموضوعي
والتفسير الأجمالي هو قريب الصلة بالموضوعي من حيث أن التفسير الإجمالي بتعامل مع الأهداف والمفاهيم القرآنية الكلية، وهذت هو العمل التفسيري يملأ جزءاً لا بأس به في عمل التفسير الموضوعي وذلك في مرحلة الصياغة لمعاني النص القرآني من عناصر الموضوع الكلية.
والتفسير المقارن يغذي الباحث في التفسير الموضوعي ويعطيه لفتات هامة قيمة، سواء كانت لفتات منهجية أو علمية في مجال اللغة أو البلاغة أو موضوعات قرآنية آخرى ويستطيع الباحث من خلال هذه المقارنة أن يستفيد أقرب المعاني وأصحها لخدمة التفسير الموضوعي (2)
فلا أرى أن أنصار التفسير الموضوعي يحاولون أن ينقضوا القديم أبداً بل إنهم يفيدون منه جداً.
[ line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي د. عبد الكريم الدهشان و د. عبد السلام اللوح ص 8 الطبعة الأولى 2003م
(2) نفس المرجع السابق ص 8_9
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:29 ص]ـ
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:" لماذا يعرض بعض الباحثين فكرته التي وصل إليها بالتضخيم، والتعميم، وبدعوى أن سلوكها هو الذي ينفع الأمة الآن، وهو المنقذ لها من مشكلاتها وهمومها.
إن هذه النظرة التي قد تصدر من بعض الباحثين من غير قصد يجب التنبيه عليها، وتصحيحها، كما يجب أن يُعلم أن تصحيحها والاستدراك عليها لا يعني التشنيع على أصحابها وإخراجهم من دائرة البحث العلمي، لكن الأمر يرجع إلى نقطتين:
الأول: انفعالات لا يمكن أن ينفكَّ عنها الناقد حينما يرى مثل هذه الأخطاء التي صارت تسري، ولا يرى من يقاومها، وهذه الانفعالات ردَّةُ فعلٍ على ما يقع من تلك الأخطاء، وكل ذلك راجع إلى الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الإنسان.
¥