أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية، ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: لما نزلت هذه الآية: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينا لم يظلم نفسه؟ قال: فنزلت: (إن الشرك لظلم عظيم) قال ابن إدريس، حدثنيه أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش ثم لقيت الأعمش فحدثني به. هذه الرواية اوردتها لك مع المداخلة ولم اعتبر بما فيها من موافقة شعبة لسبب بسيط يمكنك ان تتعرف عليه ان ابن حبان خالف فيها كل من رواها عن ابن ادريس كما في روايات ابن ادريس. وقد وضعت السؤال في ملتقى أهل الحديث ولم يجب عليه أحد حتى اليوم قد يكون سؤالي غير واضح.
ثانيا: ان الظلم في قوله تعالى: {ولم يلبسوا ايمانهم بظلم} جاء بصيغة منكرة اي انها تفيد العموم .. اي انها تتضمن جميع انواع الظلم المذكورة في القرآن, وقد لخّصت السنة النبوية الظلم في انواع ثلاثة ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: وقد اورده ابن كثير في تفسيره ج1 ص509: عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الظلم ثلاثة, فظلم لا يغفره الله وظلم يغفره الله وظلم لا يترك الله من شيئا فاما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك وقال ان الشرك لظلم عظيم واما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لانفسهم فيما بينهم وبين ربهم واما الظلم الذي لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين لبعضهم من بعض .. هذه الرواية التي ذكرها ابن كثير تشير الى نفس التفسير الذي هو ان الظلم هنا الشرك "فاما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك وقال ان الشرك لظلم عظيم " وهذا نفس معنى الحديث.
اما قولك ان الظلم هنا على العموم فلو دققت أكثر فان الاية لم تقل ولم يظلم وانما لم يلبس ايمانه بظلم. لذلك قال علي رضي الله عنه ان من عني بهم قوم ابراهيم اي هي جواب "فأي الفريقين أحق بالأمن ".
قال العزيز الحكيم:
"وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) "
فربط الظلم بالايمان هو ما جعله يصرف عن غيره من انواع الظلم.
وكل الايات انما هي تحت الوعيد لمن مات ولم يتب من ظلمه
فالمشرك توبته ان يترك ظلمه ويترك الشرك
ومن أكل حقوق الناس فعليه ان يعيد ما عنده منها
ومن الظلم ما يقتص به يوم القيامة
فهل يعتبر ظلم الشرك كاللمم؟ بالطبع لا لأن الله توعد المشركين بنار هي مأواهم وتجاوز عن الصاغائر باجتناب الكبائر وجعل الحقوق للناس اما ان تعاد في الدنيا واما ان تقتص بالآخرة. والله اعلم
ـ[سيف الدين]ــــــــ[18 Mar 2006, 04:36 م]ـ
ايها الاخ الكريم,
1 - اني لم اناقش معنى الظلم في الاية {ان الشرك لظلم عظيم} او الظلم في قوله تعالى {ولم يلبسوا ايمانهم بظلم} .. واني احيلك هنا الى ما اوردته من رد سابق على احد الاخوة بصدد نفس هذه النقطة:
المناقشة الاساسية للبحث الذي أثرته ليس تحديد معنى الظلم في قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم} , وانما هو منظومة هذا الحديث التي تتضمن عقلية السامع وتخفيف الرسول .. فالذين سمعوا الحديث رتبوا على انفسهم مشقة من الايات حسب افهامهم, فقام الرسول بتخفيف هذه المشقة عنهم .. واني اناقش هنا التخفيف الذي نسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم .. ان الرواية هي ا لتي تجعل مناقشة الايمان والظلم خارج السياق النصي .. لو اكتفت الرواية بالقول بان المقصود من الظلم هو الشرك دون ذكر لمشقة السامعين, لما كان هناك من داع
¥