تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجاء في تاريخ الطبري: فقال رسول الله يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا قال فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه فقال أبو بصير أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر قال نعم قال انظر إليه قال إن شئت فاستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله طالعا قال إن هذا رجل قد رأى فزعا فلما انتهى إلى رسول الله قال ويلك مالك قال قتل صاحبكم صاحبي فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله فقال يا رسول الله وفت ذمتك وأدي عنك أسلمتني ورددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم فقال النبي ويل أمه مسعر حرب وقال ابن إسحاق في حديثه محش حرب لو كان معه رجال فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم قال فخرج أبو بصير حتى نزل بالعيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش الذي كانوا يأخذون إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله لأبي بصير ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص وينفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير فاجتمع إليه قريب من سبعين رجلا منهم فكانوا قد ضيقوا على قريش فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلىالشأم إلا اعترضوا لهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلىالنبي ينشادونه بالله وبالرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه فهو آمن فآواهم رسول الله فقدموا عليه المدينة (الطبري ج2 ص 125)

اذا استقرأنا هاتين الحادثتين – اسلام ثمامة بن أثال وعصابة ابي بصير – وقارناهما مع الاحاديث التي وردت ان الرسول دعا على قريش بسنين كسني يوسف, لوجدنا ان الظن يتجه الى ان هناك لبس حدث من الرواة حيث جعلوا دعاء الرسول على اهل مكة مرتبطا بما حصل لقريش في هاتين الحادثتين, ونستطيع ان نؤكد ذلك بما يلي:

1 - ان أبا سفيان وكبار زعماء قريش قد عادوا الرسول عداء مرة, وورد في السير ان قريش فرضت مقاطعة اقتصادية على المسلمين الاوائل قبل الهجرة, فبأي شيء نستطيع ان نبرّر لأبي سفيان طلبه من الرسول بأن يدعو لمضر – اي قريش – كما ورد في الاحاديث؟ اما اذا وضعنا هذا الطلب – اي طلب ابي سفيان من الرسول – بعد صلح الحديبية ونتيجة لما فعله ابو بصير من اعتراضه لقوافل قريش, لوجدنا ان الطلب مقبول جدا ومنطقي جدا حيث ان ما يربحه الرسول بالمقابل هو تنازل قريش عن شرط من شروط الحديبية لصالح المسلمين.

2 - ان الرسول صلى الله عليه وسلم – وكما ورد في الاحاديث – استبطأ اسلام قريش فدعا عليهم فأصيبوا بالقحط فجاءه ابو سفيان يطلب منه كشف العذاب. والسؤال هنا: اذا كان الرسول قد استبطأ اسلام قريش فدعا عليهم, فلم لم يشترط على ابي سفيان الاسلام كشرط لكشف العذاب الالهي؟

3 - متى سأل ابو سفيان الرسول ان يكشف عنهم العذاب؟ بالطبع لا يمكن القول بأن ابا سفيان جاء الى المدينة وان ذلك حصل بعد الهجرة لأن كتب التاريخ والسير والاحاديث تجمع ان ابا سفيان لم يقدم المدينة الا غازيا. فلا يمكن حمل ذلك اذا الا على ما كان قبل الهجرة. وهنا نسأل: اذا كان الرسول قد دعا على قريش قبل الهجرة فان ذلك يعني ان الجوع قد اصاب المسلمين كما اصاب غيرهم من كفار مكة! وهل يجوز ان يدعو الرسول بدعاء يكون فيه هلاك من آمن معه؟ ثم الا يكفي المؤمنين ما اصابهم من جوع على ايدي كفار قريش والذي تقول فيه الروايات انه بقي ثلاث سنوات حتى يزيده الرسول سنة اخرى على يدي السماء؟

وقد ذكر ابن حجر العسقلاني في فتح الباري مشكل قدوم ابي سفيان الى الرسول وسؤاله ان يدعو الله ليستسقي لهم: "قوله: (فجاءه أبو سفيان) يعني الأموي والد معاوية , والظاهر أن مجيئه كان قبل الهجرة لقول ابن مسعود " ثم عادوا , فذلك قوله: (يوم نبطش البطشة الكبرى) يوم بدر " ولم ينقل أن أبا سفيان قدم المدينة قبل بدر , وعلى هذا فيحتمل أن يكون أبو طالب كان حاضرا ذلك فلذلك قال " وأبيض يستسقى الغمام بوجهه " البيت , لكن سيأتي بعد هذا بقليل ما يدل على أن القصة المذكورة وقعت بالمدينة , فإن لم يحمل على التعدد وإلا فهو مشكل جدا والله المستعان." (فتح الباري) وهكذا يقرّ ابن حجر العسقلاني بأن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير