تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مجيء ابي سفيان الى الرسول عليه الصلاة والسلام هو مشكل جدا الاّ اذا حمل على التعدّد ومعنى ذلك ان يكون اصاب قريش قحط مرتين: مرة والرسول في مكة وأخرى والرسول في المدينة، وان ابا سفيان قد جاء الى الرسول وهو في مكة ولم يأت اليه وهو في المدينة. والحقيقة ان التعدّد هو مخرج لجأ اليه المحدّثين كي يقوموا بالتوفيق بين الاحاديث, غير ان هذه الطريقة في التوفيق ....

4 - ان القضية – وكما اسلفنا - لم تتعلق بأي شكل من الاشكال بانقطاع المطر لسببين: الاول, ان قريش لم تكن ارض زرع وهذا لا يتناسب مع ما ذهبت اليه الروايات ان قريش اصابها قحط, وثانيا, لم يرد في السير وكتب التاريخ ان زمزم قد جفّت خلال الفترة التي عاشها الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة والمدينة. ان ما اصاب قريش من جوع يتناسب اكثر مع ما ذكر من الاغارة على قوافل قريش التي كانت هي مصدر معيشة قريش (رحلة الشتاء والصيف) مما يتناسب بالتالي مع قصة ثمامة بن أثال او قصة ابي بصير التي اسلفنا ذكرهما.

اذا اردنا ان نلخص الامر اذا نقول:

ان ما تعرضت له قريش من مجاعة كان بسبب الضرر الذي لحق بتجاراتها وقوافلها التي كانت تنقل له الغذاء, وقد قام بعض الرواة بجعل ما حدث نتيجة لدعوة الرسول على قريش, وحقيقة الامر ان ابن مسعود في الروايات كان في مقام المفسّر بالدرجة الاولى لذا كان يلجأ الى تبريرات منطقية اثناء حديثه ... ثم اننا نلاحظ ملاحظة مهمة في هذا الحديث، فاننا اذا اعتبرنا ان هذا الامر قد حدث في مكة كما يوحي بذلك الحديث فمعنى ذلك ان الضرر قد اصاب الكفار والمسلمين على حد سواء مما يعني ان ابا سفيان بدا كانسان مسالم جدا حريص على الضرر الذي اصاب قريش بمن فيهم المسلمين, كما ان الرسول بدى بمظهر المغلوب على الصعيد الحواري: جاء في (صحيح مسلم - الحديث الرابع) "فأتاه أبو سفيان فقال يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم" ان ابا سفيان يذكر الرسول بطاعة الله وكأن ما حدث لا يتناسب مع طاعة الله, والحديث لا يذكر ردّ الرسول الا بأنه دعا الله اي كأن الرسول قد أقرّ بالذنب الذي قام به. نعود فنقول بأن السياق يقبل اكثر اذا وضع في سياق ما ورد في قصة ثمامة بن أثال او قصة ابي بصير.

ولنزيد الامر وضوحا وتأكيدا نقول:

ان الرسول دعا في الاحاديث لبعض المسلمين الذين حبستهم – كما تقول الروايات – قريش في مكة ومنعتهم من أن يأتوا. وقرن الرواة هذا الدعاء بدعائه على قريش بالقحط, وفي احد الروايات: " قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد فقلت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم قال فقيل وما تراهم قد قدموا" (صحيح مسلم – الحديث الثاني) وهنا يسأل ابو هريرة عن سبب ترك الرسول الدعاء لهؤلاء المسلمين فيجاب: وما تراهم قد قدموا.

لكي تصبح هذه الصورة اكثر وضوحا نضيف ما حدث مع ابي بصير والنتائج التي ترتبت على ثورة ابي بصير من تنازل قريش عن احد شروطها المتعلق بمن يقدم من مكة مؤمنا فللرسول ان يحتفظ به وليس لقريش ان تردّه, اننا اذا اضفنا ذلك تصبح الصورة على الشكل التالي:

الرسول يدعو للمستضعفين من المؤمنين في مكة بعد ان عقد الصلح وبعد ان ردّ ابا جندل مع ابيه الى مكة وبعد ان ردّ ابا بصير ايضا ... كل ذلك حدا بالرسول الى الدعاء للمستضعفين ... بعد ذلك يقوم ابو بصير بثورته المشهورة والاغارة على قوافل قريش الغذائية والتجارية فيصيب قريش ضررا فادحا, غير ان قريش تصبر في بداية الامر اكراما لكبريائها حتى يصيبها من الجوع اشدّه, وتزداد قوة ابي بصير حتى يبلغ ما يقارب سبعين رجلا, عندها تبعث قريش الى الرسول راجية منه ان يقبل هو بأن تتنازل قريش عن احد شروط صلح الحديبية الذي يتعلق بمن يقدم من مكة الى المدينة مؤمنا فان قريش تعاهد الا تطالب به على ان يكفّ الرسول بأس ابي بصير وعصابته عن قوافل قريش. ويحتمل في مثل هذه الحالة ان يكون الذين كان الرسول يدعو لهم قد قدموا المدينة مع قوات ابي بصير او لاحقا. وبذلك يتضح قول الرسول: وما تراهم قد قدموا؟

ان عدم فهم الامر على هذا المنوال أدى بالبعض الى اقوال منكرة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير