ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[10 Mar 2006, 09:03 م]ـ
ويرد على هذا القول بالأحاديث التي تضافرت في الدلالة على أن المراد بالسبعة حقيقة العدد منحصراً فيها (6)
? المذهب الثالث: أن معنى الحرف القراءة، روي ذلك عن الخليل بن أحمد، وأن القرآن نزل ليقرأ على سبع قراءات،قال القاضي أبو بكر الطيب: {وزعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه، ..... } (1).
ويجاب على ذلك: أنه لا يوجد في القرآن كلمة يصل تعداد قراءتها إلى سبع إلا القليل فهذا القول ممتنع غير صحيح.
? المذهب الرابع: وهو أن يرد الاعتراض السالف على أصحاب المذهب السابق أنه ليس المقصود أن لكل كلمة سبع قراءات، وإنما قد تقرأ الكلمة بوجه أو إثنين أو أكثر إلى سبعة.
ويجاب عن ذلك أن بعض الكلمات تقرأ بوجوه كثيرة تتجاوز السبعة، كقوله تعالى: {عبد الطاغوت} فهي تقرأ باثنين وعشرين وجهاً، وفي كلمة أف سبع وثلاثون وجهاً (2)
وبذلك يكون هذا القول مرجوحاً.
? المذهب الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة في الحديث سبعة وجوه تنحصر في كيفية النطق بالتلاوة، من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة وإشباع، ومد وقصر، وتشديد وتخفيف، وتليين وتحقيق، وهو محكي عن بعض القراء.
ويجاب على ذلك أن جميع الوجوه المذكورة ترجع إلى نوع واحد وهو اختلاف اللهجات، ويكون تفسير حديث الأحرف السبعة به قاصراً عن شمول أنواع القراءات التي مردهاً إلى إختلاف اللهجات، فهذا الرأي مرجوح.
? المذهب السادس: أن المراد بالأحرف السبعة ينحصر في بعض الآيات إذ تُقرأ على سبعة أوجه، ونقل هذا القول القاضي الباقلاني عن جماعة، ويرد على ذلك أن الحديث الوارد في السبعة الأحرف يُفهم منه جميع القرآن لا بعضه.
? المذهب السابع: أن المراد بالأحرف: ظهر وبطن، وفرض وندب، وخصوص وعموم وأمثال (3) واستدلوا على ذلك بحديث رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ونهى أن يستلقى الرجل، أحسبه قال: في المسجد ويضع إحدى رجليه على الأخرى" (4)
أجيب على ذلك: أنه لا دلالة في الحديث لما ذهبوا إليه، لأن المعنى أن كل حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها يتصف بأن له ظهراً وبطناً، وحداً ومطلعاً، فهذه أوصاف الأحرف ولبس أعيانها وبذلك يظهر أن قولهم لا نصيب له من الاستدلال الصحيح.
? المذهب الثامن: أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أصناف من المعاني أنزل الله القرآن عليها وهذه الأصناف هي: (أمر ونهي، ووعد ووعيد،وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه) وأستدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف، زاجر وآمر، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله
[ line]
(6) أنظر إلى المسألة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من الفصل الأول في هذا البحث، الصفحات 2، 3، 4، 5، 6
(1) مقدمة ابن عطية ص 267
(2) الإتقان للسيوطي 1/ 26 ومناهل العرفات 1/ 166
(3) الإتقان في علوم القرآن 1/ 223
(4) رواه البزار وأبو يعلى في الكبير ورجاله ثقات
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[10 Mar 2006, 09:03 م]ـ
وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، وأعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابه، وقولوا "آمنا به كل من عند ربنا"
وفي الحديث نظر، ففي سنده عمار بن مطر وهو ضعيف جداً ووثقه بعضهم (5)
كما أن أبي سلمة بن عبد الرحمن لم يلق ابن مسعود فالحديث في حكم المنقطع، وقد قال بذلك جمع من أهل العلم.
ومما يُذكر أن جميع الأحاديث الذي يستدل بها أصحاب هذا المذهب أحاديث لا يحتج بها، إما لضعف بها أو لإرسالها أو لانقطاعها.
قلت:كما أن حديث عمر رضي الله عنه ينفي ما فهمه أصحاب هذا المذهب من هذا الحديث، إذ أن الإختلاف كان على صلاة الرجل بقراءة ما أقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، وما كان الإختلاف لا في الزاجر ولا في الآمر ولا في الوعد ولا في الوعيد ولا في الحلال ولا في الحرام ولا في المحكم ولا في المتشابه.
? المذهب التاسع: وهو القول بأن المراد بالأحرف السبعة هو الإختلاف في الكلام من سبعة وجوه
1. الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، مثال ذلك من قوله تعالى: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" قرأت هكذا:"لأمانتهم " بالإفراد أيضاً.
2. اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر مثال ذلك من قوله تعالى:"ربنا باعد بين أسفارنا" وقرأت ربُنا بعد بين أسفارنا" على أساس أن الفعل تحول من فعل أمر لفعل ماض.
3. اختلاف وجوه الإعراب، مثال ذلك من قوله تعالى:"ذو العرش المجيد" قرىء برفع لفظ المجيد وجره، فالرفع على أنه نعت لكلمة ذو والجر على أن نعت لكلمة العرش.
4. الاختلاف بالنقص والزيادة، مثاله من قول الله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى" قرىء كذلك:"والذكر والأنثى " من غير وما خلق.
5. الاختلاف بالتقديم والتأخير مثاله من قول الله تعالى:"وجاءت سكرة الموت بالحق" قرىء:"وجاءت سكرة الحق بالموت"
6. الاختلاف في الإبدال: مثال ذلك قوله تعالى:"وطلح منضود" قرىء "وطلع منضود".
7. اختلاف اللهجات كالإمالة والتفخيم والترقيق والإظهار والإدغام، مثاله من قول الله تعالى:"بلى قادرين" وقرىء:"بلى قادرين" بالإمالة. (1)
وهذا المذهب المختار من المذاهب السابقة كلها، وذلك لأن:
1. أنه هو الذي تؤيده الأدلة في أحاديث السبعة حروف.
2. أن باقي الأقوال ضعيفة مدحوضة.
3. أن هذا المذهب يعتمد على الاستقراء التام لاختلاف القراءات، بخلاف المذاهب الأخرى التي كان استقراءها ناقصاً لأمور دون أمور.
[ line]
(5) مجمع الزوائد 1/ 153
(1) مناهل العرفان للزرقاني الجزء الأول صفحة 148 وما بعدها طبعة البابي الحلبي وشركاؤه.
¥