نحن هذه الهباءة الصغيرة في هذا الكون .. الضعفاء المساكين نتمرد على الله عز وجل ونعصيه ونشمخ بأنوفنا عاليا إذا ذكرنا بالله جل وعلا وأمرنا بتقواه أو أنكر علينا منكر من المنكرات .. نتكبر ونتعاظم .. ولربما يبدر من هذا الإنسان الضعيف بعض التصرفات التي تنبئ عن استخفافه بالله عز وجل .. فأين نحن من هؤلاء الملائكة الذين هم بهذه العظمة، والله يقول (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون).
(ولا يؤوده حفظهما) أي لا يعجزه ولا يثقله حفظ السماوات والأرض .. هذه المخلوقات الهائلة يحفظها .. وهذا من قيوميته سبحانه وتعالى، ومع ذلك لا يثقله هذا الحفظ، ولا يعجزه .. ومعنى (يؤوده) أي يثقله ويعجزه مأخوذ من قول العرب آده يؤوده وهو أن الشيء إذا وضع عليه شيء ثقيل فإنه ينثني من هذا الثقل ويعوج ويميل وينحني، فالله عز وجل يحفظ السماوات والأرض ومن فيهن، وهن خاضعات لعظمته (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) فهو له ما في السماوات وما في الأرض، وهو يحفظها، وأيضا لا يعجزه ولا يثقله حفظ السماوات والأرض.
(وهو العلي العظيم) الذي له العلو المطلق .. علو الذات، فهو فوق العرش سبحانه وتعالى (الرحمن على العرش استوى)
وعلو القدر والمنزلة، وعلو القهر، فله جميع معاني العلو، (وهو العلي العظيم) ذو العظمة الكاملة، وقد سمعتم من أوصافه وأسمائه الدالة على عظمته ما يدرك معه شيء من هذه العظمة.
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم)
أقول للإخوة نحن بحاجة إلى تدبر هذا القرآن وتفهم معانيه، وأنتم تلاحظون هذه آية من كتاب الله عز وجل نقرأها، ولربما نحفظها جميعا، ونسمعها في الصلاة، فكم يغيب عنا من معانيها، ولو كنا نتفهم القرآن ونتدبره، ونفهم هذه المعاني منه لكنا أسعد أمة وأقوى أمة، وانشرحت صدورنا من كتاب الله عز وجل وما شبعنا من قراءته وسماعه ..
يعني أنت الآن حينما تدرس تفسير آية مثل هذه أو سورة وتفهم معانيها، حينما تقرأها أو تسمعها من الإمام، هل يكون سماعها لك كسماعها من قبل؟ .. فرق كبير جدا .. يلوح لك فيها من المعاني أشياء كثيرة جدا لم تتفطن لها، ولهذا أقول ينبغي العناية بكتاب الله عز وجل وقراءة شيء من التفاسير وتفهم هذا الكلام ..
لو أنك تأتي مثلا في صلاة التراويح .. الآيات التي يقرؤها الإمام لو قرأتها من تفسير واحد على الأقل ثم تابعت الإمام في قراءتها لتمنيت أن الإمام لا يركع، لأن المعاني تتوارد في ذهنك بشكل عجيب جدا .. بل قد يسبق اللسان أحيانا، فيتكلم الإنسان من غير قصد .. أكمل الآية .. أكمل الآيات .. لا تركع الآن، لأنها متسلسلة ومترابطة ترابطا عجيبا، فإذا ركع الإمام قطع عليك سلسلة هذه المعاني، فتكاد تتكلم أكمل الآيات لما يلوح لك من معانيها.
أما إذا كان الإنسان لا يفهم هذه الأشياء ولا يدرك معانيها، فتجده يصلي وهو يكسر أصابعه ويتململ كأنه على ملة، ولا يتأثر بهذا القرآن. وإذا سمع الإمام بكى .. كأنه جاء من مكان بعيد .. إيش عنده الإمام؟! .. فإذا اكتشف مثلا أن الإمام بكى في سورة الفاتحة يجلس يتساءل سنة كاملة .. فيه أحد يبكي من سورة الفاتحة؟! .. هي أعظم سورة في كتاب الله عز وجل.
فأقول أيها الإخوة نحن نعيش بعيدا عن معاني القرآن، فما أحوجنا إلى تدبره وتفهمه وتدارسه.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[06 Jul 2008, 09:47 ص]ـ
جزاكم الله خير
جهد مشكور تشكر عليه
وهنا تجد نقل لتفريغك في ملتقى أهل الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=137748)
وقد تم تثبيته وتفاعل مشكور من الأخوة
ـ[معلمة]ــــــــ[28 Feb 2009, 10:35 م]ـ
سلمت اناملك