تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحكمة من ذلك هوأن هؤلاء سيروا الآيات فيصبح إيمانهم إيمانا بالشهادة بعد أن كان إيمانا بالغيب، والرؤية بالأبصار هي التي يتحقق بها كمال اليقين لذلك أكد الله بالضمير (هم) مرتين: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).

وأكد الله مرة أخرى في كلامه عن الكافرين مرتين بالضمير (هم) حيث قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ).

الآية هنا تتكلم على الذين يريهم الآيات فتستيقنها أنفسهم ومع ذلك يجحدونها ظلما وعلوا، فهؤلاء يؤكد لهم بالضمير (هم) الأخسرون، فالكافر المشاهد للآيات أظلم من الكافر الذي لم يشاهد الآيات.

ماهي تلك الآيات التي سيرينها الله فنعرفها؟

إنها هي تلك الآيات المشار إليها في بداية السورة في قوله تعالى: تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ).

أين هي تلك الآيات في سورة النمل؟

قبل أن يتكلم الله عن تلك الآيات نبهنا بقوله: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)، لكي نتدبر كلام الله بحكمة فلا نستقبل ما يأتي من كلام الله على أنه قصص الأمم السابقة يقصها الله علينا لنعلم كيف كانت عواقبهم وإنما لنربط بين كل قصة وبين قوله تعالى (تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ).

أول القصص ذكرا في سورة النمل هي قصة موسى وتكليم الله له وإرساله إلى فرعون ... ونحن نعلم أن قصة موسى حدثت قبل نزول القرآن بحوالي 20 قرنا، فكيف تكون قصة موسى آية من آيات القرآن، والقرآن لم ينزل إلا من بعده!!

القصة التي يصح أن يقال عنها (آية من آيات القرآن) هي التي يتنبأ بها القرآن ثم تتحقق أحداثها بعد ذلك، أما القصص التي ذكرها الله في سورة النمل فهي قصص حدثت قبل نزول القرآن بآلاف السنين فكيف يقول الله عنها (تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ)!!!

لقد آتانا الله حكمة نعلم بها مراده وذلك في قوله (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)، والحكمة تفقه بضرب الأمثال.

وبالحكمة نعلم أن قصة موسى وقصة داود وسليمان وقصة صالح وقصة لوط ما هي إلا أمثال ضربها الله لمستقبل الإسلام.

قصة موسى ضربها الله مثلا لنصر الله لدينه وإظهار البينة التي سيستيقنها الناس جميعا وسيجحدها الظالمون، فرسالة الإسلام عنوانها (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) والله تعالى يخاطب موسى هنا بقوله: يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الحكيم).

وقصة داود وسليمان ضربت مثلا لتمكين الله للمؤمنين واستخلافهم في الأرض.

وتمكين الله للمؤمنين سيترتب عنه إصلاح في الأرض وقضاء على الفساد،

ولقد ضرب الله المثل لإصلاح الأرض بقصة صالح، وضرب المثل للقضاء على الفساد بقصة لوط وقومه الذين دمرهم الله.

إذن فسورة النمل تتضمن نبوءات مستقبلية ضربت لها أمثال من قصص سابقة.

نبوءات عن إظهار البينة والنصر والتمكين وإصلاح في الأرض وقضاء على المفسدين.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[29 - 05 - 2006, 10:45 م]ـ

الأخ الحسن - أسعده الله ..

ما أكثر رونق هذا الكلام وما أعلى رتبته! إنّه تدبُّر جميل لكتاب الله ..

بارك الله فيك .. وبانتظار المزيد ..

ـ[الحسن الهاشمي المختار]ــــــــ[30 - 09 - 2006, 09:26 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كل عام وأنتم بخير، ومبارك عليكم رمضان الشهر الفضيل.

آسف على غيابي، وها أنا أعود، وأشكرأخي الفاضل لؤي الطيبي الذي شرفني حضوره.

وتتمة للموضوع أضيف ما يلي:

قلت من قبل في موضوع آخر: إن مثلنا في هذه الحياة الدنيا كمثل تلاميذ في مدرسة، والرسل هم المعلمون، والمنهج الدراسي هو الكتاب الذي آتاه الله رسله.

وكما أن التلاميذ لا يمتحنون إلا بعد أن يشرح لهم المعلمون الدروس ويستيقنون فهمها جيدا كذلك لا يمتحن الله المرسل إليهم إلا بعد أن يستيقنوا الحق بالبينات التي جاء بها رسولهم (معلمهم) وبعد أن يبين الله لهم ما يتقون به الرسوب في الاختبار.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير