تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما وجه اعتلاقها بآل عمران فمن وجوه: منها: أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى، وافتتحت هذه السورة به وهذا من أكبر وجوه المناسبات في ترتيب السور، وهو نوع من البديع يسمى: تشابه الأطراف.

....

سورة الاخلاص

قال بعضهم: وضعت ههنا للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة تَّبت وأقول: ظهر لي هنا غير الوزان في اللفظ: أن هذه السورة متصلة بقل يا أيها الكافرون في المعنى ولهذا قيل: من أسمائها أيضاً الإخلاص وقد قالوا: إنها اشتملت على التوحيد، وهذه أيضاً مشتملة عليه ولهذا قرن بينهما في القراءة في الفجر، والطواف، والضحى، وسنة المغرب، وصبح المسافر، ومغرب ليلة الجمعة وذلك أنه لما نفى عبادة ما يعبدون، صرح هنا بلازم ذلك، وهو أن معبوده أحد، وأقام الدليل عليه بأنه صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ولا يستحق العبادة إلا من كان كذلك، وليس في معبوداتهم ما هو كذلك وإنما فصل بين النظيرتين بالسورتين لما تقدم من الحكمة، وكأن إيلاءها سورة تبت ورد عليه بخصوصه.

سورة الفلق والناس

أقول: هاتان السورتان نزلنا معاً، كما في الدلائل للبيهقي فلذلك قُرنتا، مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين، ومن الافتتاح بقل أعوذ، وعقب بهما سورة الإخلاص، لأن الثلاثة سميت في الحديث بالمعوذات، وبالقوافل وقدمت الفلق على الناس - وإن كانت أقصر منها - لمناسبة مقطعها في الوزان لفواصل الإخلاص مع مقطع تبت وهذا آخر ما من الله به على من استخراج مناسبات ترتيب السور، وكله من مستنبطاتي، ولم أعثر فيه على شيء لغيري إلا النزر اليسير الذي صرحت بعزوى له، فلله الحمد على ما ألهم، والشكر على ما من به وأنعم، سبحانك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ثم رأيت الإمام فخر الدين ذكر في تفسيره كلاماً لطيفاً في مناسبات هذه السور، فقال في سورة الكوثر: أعلم أن هذه السورة كالمتممة لما قبلها من السور، وكالأصل لما بعدها أما الأول، فلأنه تعالى جعل سورة الضحى في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وتفصيل أحواله، فذكر في أولها ثلاثة أشياء تتعلق بنبوته (ما ودعكَ ربُكَ وما قلى وللآخرةُ خيرٌ لكَ من الأولى ولسوفَ يُعطيكَ رَبُكَ فترضى) ثم ختمها بثلاثة أحوال من أحواله فيما يتعلق بالدنيا: (أَلم يجِدكَ يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدكَ عائلاً فأغنى) ثم ذكر في سورة ألم نشرح أنه شرفه بثلاثة أشياء: شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر ثم شرفه في سورة التين بثلاثة أشياء أنواع: أقسم ببلده، وأخبر بخلاص أمته من الناس بقوله: (إلا الذين آمنوا) ووصولهم إلى الثواب بقوله: (فلهم أَجرٌ غيرُ ممنون) وشرَّفه في سورة اقرأ بثلاثة أنواع: (اقرأ باسم ربِكَ) وقهر خصمه بقوله: (فليدع ناديه سندع الزبانية) وتخصيصه بالقرب في قوله: (واسجد واقترب) وشرفه في سورة القدر بليلة القدر، وفيها ثلاثة أنواع من الفضيلة: كونها خيراً من ألف شهر، وتنزل الملائكة والروح فيها، وكونها سلاماً حتى مطلع الفجر وشرفه في (لم يكُن) بثلاثة أشياء: أنهم خير البرية، وجزاؤهم جنات، ورضى عنهم وشرفه في الزلزلة بثلاثة أنواع: إخبار الأرض بطاعة أمته، ورؤيتهم أعمالهم، ووصولهم إلى ثوابها حتى وزن الذرة وشرفه في العاديات بإقسامه بخيل الغزاة من أمته، ووصفها بثلاث صفات وشرفه في القارعة بثقل موازين أمته، وكونهم في عيشة راضية، ورؤيتهم أعداءهم في نار حامية وفي ألهاكم التكاثر، هدد المعرضين عن دينه بثلاثة: يرون الجحيم، ثم يرونها عين اليقين، ويسألون عن النعيم وشرفه في سورة العصر بمدح أمته بثلاث: الإيمان، والعمل الصالح، وإرشاد الخلق إليه، وهو: التواصي بالحق والصبر وشرفه في سورة الهمزة بوعيد عدوه بثلاثة أشياء: ألا ينتفع بدنياه، ويعذبه في الحطمة، ويغلق عليه وشرفه في سورة الفيل بأن رد كيد عدوه بثلاث: بأن جعله في تضليل، وأرسل عليهم طيراً أبابيل، وجعلهم كعصف مأكول وشرفه في سورة قريش بثلاث: تألف قومه، وإطعامهم، وأمنهم وشرف في الماعون بذم عدوه بثلاث: الدناءة، واللؤم في قوله (فذلكَ الذي يدعُ اليَتيم ولا يَحضُ عَلى طعامِ المسكين) وترك تعظيم الخالق في قوله: (فَويلٌ للمُصلين الذينَ هُم عَن صلاتِهِم ساهون الذينَ هُم يُراءونَ) وترك نفع الخلق في قوله: (ويمنَعونَ الماعون) فلما شرفه في هذه السور بهذه الوجوه العظيمة قال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير