تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

· قلت:وفيما قالوا نظر، فإن الأعمش قد صرَّح بالتحديث في رواية هشيمٍ وإبراهيم بن حميد الرؤاسي عنه.

أما رواية هشيم فأخرجها الطحاوي في ((المشكل)).

وأما رواية إبراهيم فذكرها الدارقطني في ((العلل)) له، وقد مرَّت.

فهذا يقضي على الكلام من أصله؛ إذ من شرط إعلال الرواية الخالية من الراوي الزائد أن تقع معنعنةً، وعلى هذا: يحمل الأمر على أن الأعمش سمعه مرةً من رجلٍ عن أبي صالح، ولقي أبا صالح فسمعه منه.

ولكن هشيم بن بشير مدلِّسٌ، وقد عنعنه عن الأعمش.

وقد رواه ابن مردويه في ((أحاديث ابن حيان)) (6) والخطابي في ((غريب الحديث)) (1/ 636) عن هشيم، عن الأعمش، عن أبي صالح، فلم يذكر تصريح الأعمش.

فلم تبق إلا رواية ابن حميد، وهو ثقةٌ: وثقه أبو حاتم - وكفى به - وابن معين وابن حبان وغيرهم.

وفي رواية ابن نمير قال الأعمش: حدثت عن أبي صالح ولا أراني إلا سمعته منه، عن أبي هريرة.

وهذا ظنٌّ غالبٌ، وشكُّ الأعمش ليس كشكِّ غيره - كما سيأتي -.

وقد ذهب ابن حبان إلى أن الأعمش سمعه من أبي صالح.

وقال ابن سيد الناس: ((فالكل صحيح متصل)).

ولعله لهذا قال أبو نعيم في الحلية: ((صحيح متفق عليه)) ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn5)) .

ثم رأيت الحافظ قال في ((نتائج الأفكار)) (1/ 338) ذكر روايتي هشيم وابن حميد ثم قال: ((وهاتان الأخيرتان شاذتان)). وهذا غريبٌ، فإن هذه زيادة على ما ذكره الآخرون، وليست مخالفة لهم، والذي زادها ثقة ثبت، فما المانع من قبولها؟ لا سيما وقد رواها إبراهيم بن حميد كما رووها، ثم زاد عليهم تصريح الأعمش، فدلَّ على أنه حفظ.

ومع ذلك فقد قال الحافظ: ((هذا حديثٌ حسنٌ)).

ولعل قائلاً يقول: يظهر مما ذكرتَ أن الأعمش لم يُحكم هذا الحديث، فتارةً يرويه عن أبي صالح، ومرةً عن رجلٍ، ومرةً يقول: حدثت عنه، ومرةً يجزم بسماعه، ومرةً لا يجزم! فهذا يدلُّ على أنه لم يضبط هذا الحديث.

ويجاب: بأن الشكَّ في مرةٍ لا يقدح في الجزم بالرواية الأخرى، ألم تر أن المحدث إذا حدَّث بحديثٍ ثم نسيه فلم يعرفه لم يكن ذلك قادحًا فيه؟

ثم قوله: ((ولا أراني إلا سمعته منه)) ظنٌّ غالبٌ، وشكُّ الأعمش ليس كشكِّ غيره، كيف لا! وهو الحافظ المتقن الثبت.

وقد سأل شعبةُ أيوبَ السختيانيَّ عن حديثٍ فقال: أشكُّ فيه، فقال شعبة: شكُّكَ أحبُّ إلي من يقين غيرك!

فيظهر بما ذكرت أن هذا الطريق صحيحٌ بمفرده، وقد رجَّحه البخاريُّ على حديث عائشة الذي سيأتي ذكره. ولئن كان ضعيفًا فضعفه يسير ينجبر بالشواهد الكثيرة التي تأتي إن شاء الله.

· (تنبيه): قد زاد أبو حمزة السكري زيادة في هذا الحديث.

فأخرجه البزار (1/ 181) - ((جنة المرتاب)) (2/ 260) -، والبيهقي (1/ 430) وابن عبد البر في ((التمهيد)) (19/ 225)، وابن عدي (5/ 258)، وأبو الشيخ في ((كتاب الأذان)) - ((لسان الميزان)) (1/ 238) -، وفي ((طبقات أصبهان)) (3/ 156)، وابن عساكر (51/ 153)، والطحاوي في ((المشكل)) (5/ 443)، وأبو عثمان البحيري في ((الفوائد)) (ق5/ 2)، وابن الجوزي في

((العلل)) (1/ 433)، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 387) من طرقٍ عن أبي حمزة السُّكري، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي r بزيادة: فقال رجل: يا رسول الله! لقد تركتنا ونحن نتافس الأذان بعدك زمانًا. فقال:

((إِنَّ بَعْدَكُم زَمَانًا سَفَلَتُهُم مُؤَذِّنُوهُم)).

وقد رواه عن أبي حمزة:

((عبدان، وعتاب بن زياد، وعلي بن الحسن بن شقيق ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn6)) )) .

قال البزار:: ((تفرد بآخره أبو حمزة، ولم يتابع عليه)).

وصرح بتفرده بها: الدارقطني، وابن عبد البر، والخليلي، وابن عدي، وأبو طاهر السِّلفي - كما في ((سبل الهدى والرشاد)) للصالحي (10/ 68) -.

وتعقبهم في ذلك الحافظ ابن حجر في ((اللسان)) فقال: ((وأخرجها - يعني الزيادة - البيهقي في ((السنن)) من طريق عمرو بن عبد الغفار، ومحمد بن عبيد، وأبي حمزة ثلاثتهم عن الأعمش، فصاروا ثلاثة غير أبي حمزة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير