فقال الطبراني في ((الأوسط)) (7/ رقم 7755): حدثنا محمد بن يعقوب، نا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا يوسف بن الحجاج، نا المعارك بن عباد، عن يحيى بن أبي الفضل، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله r قال: ((مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيَتَّقِ اللهَ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ ضَامِنٌ مَسْئولٌ كَمَا ضَمِن، فَإِنْ أَحْسَنَ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَهُو عَلَيْهِ)).
قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن أبي الجوزاء إلا يحيى بن أبي الفضل، ولا رواه عن يحيى إلا معارك، تفرد به: يوسف بن الحجاج)).
وهذا سندٌ ضعيفٌ، ومعارك هذا قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث، وضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: أحاديثه منكرة.
· وقد روي بعضه بسندٍ آخر.
أخرجه ابن ماجه (712)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 198)، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 337)، وابن عدي (6/ 384) كلهم عن محمد بن المصفي الحمصي، حدثنا بقية، عن مروان بن سالم، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله r : (( خَصْلَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ فِي أَعْنَاقِ المُؤَذِّنِينَ للمُسلِمِينَ: صَلاتُهُم وَصِيَامُهُم)). فهذا بمعنى: ((المُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ)).
· قلت: وهذا واهٍ بمرة.
وابن سالم قال البخاري ومسلم وأبو زرعة: منكر الحديث، وتركه النسائي، وكذَّبه أبو عروبة الحرَّانيُّ.
وابن المصفى وبقية يدلِّسان تدليس التجويد، ولم يصرِّحا بالتحديث.
وقد توبع مروان عليه؛ فقال ابن عدي (2/ 323): نا القاسم بن علي الجوهري، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا يحيى بن بكير، حدثني الحسن ابن عبد الله الثقفي الكوفي، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله r : (( أَمَانَتَانِ في أَعْنَاقِ المُؤَذِّنينَ يَومُ فِطْرِهِم وَصَوْمِهِم)).
والحسن هذا قال ابن عدي والذهبي: ((منكر الحديث)) زاد الثاني ((والذات)).
* * *
ثامنًا: حديث أنس t .
أخرجه الإسماعيلي في ((معجم شيوخه)) (119) - ومن طريقه السهمي في
((تاريخ جرجان)) (ص114) وفي ((سؤالاته للدارقطني)) (98) - عن محمد ابن أحمد بن سهيل بن علي بن مهران الباهلي، عن وهب بن بقية، عن هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أنس مرفوعًا: ((المُؤَذِّنُون أُمَنَاءُ، وَالأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ، فأرشد الله الأئمة، واغفر للمُؤَذِّنينَ)).
· قلت: وهذا موضوعٌ!
وابن سهيل هذا رماه أبو زرعة والذهبي بالوضع، واتهمه ابن عديٍّ بسرقة الحديث.ثم هشيم مدلِّس، وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري. فالسند ساقطٌ.
قال الإسماعيلي: ((هو منكر جدًّا)).
ولم يتنبه لهذا شيخنا - حفظه الله - فأعله بابن حسينٍ حسب!
* * *
تاسعًا: حديث أبي محذورة.
أخرجه البيهقي (1/ 426)، والطبراني في ((الكبير)) (7/ رقم6743) عن يحيى الحِمَّاني، عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، عن أبي محذورة قال: قال رسول الله r : (( المُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ المُسْلِمِينَ عَلى فِطْرِهِم وَسُحُورِهِم)).
والحِمَّانِيُّ: وثقه ابن معين، وضعفه النسائي، وكذبه أحمد، وابن نمير، وتركه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: ((لين))، ورماه أحمد بسرقة الحديث، وقال البخاري: ((يتكلمون فيه .. سكتوا عنه))!
فالرجل - عندي - ساقط، وقد وهم من قال إن مسلمًا أخرج له، وإنما الذي في مسلم (3/ 219 - 220 نووي) بعد حديث أبي حميد أو أبي أسيد في ذكر دخول المسجد: ((سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال قال: بلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد)).
وقد روى له أثرًا في ((مقدمة صحيحه))، فمثل هذا لا يقال: أخرج له مسلم.
وإبراهيم بن أبي محذورة لم أقف على أحدٍ وثقه؛ إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: يخطئ، وضعفه الأزديُّ.
وأما أبوه فقد ذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال ابن القطان: مجهول.
وقال الحافظ في ((أمالي الأذكار)) (1/ 336): ((هذا حديثٌ غريبٌ، تفرَّد به يحيى، وفيه مقالٌ)).
* * *
¥