تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[06 - 04 - 08, 05:42 م]ـ

قال ابن عابدين رحمه الله ـ:

مطلب: كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب قوله: (بل يستعمل في المندوب) يظهر لي أن محله في موضع يتوهم فيه البأس: أي الشدة كما هنا، فإن فيه تخصيص الفارس بزيادة مع قطع الخمس، بل استعمل نظيره في القرآن في الواجب كما في قوله تعالى: * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * (سورة البقرة: الآية 851) فنفى الجناح لما كانوا يعتقدونه من حرمة السعي بين الصفا والمروة. حاشية ابن عابدين شاملة4/ 331

قال الصحاوي ـ رحمه الله ـ:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} وَذَلِكَ عَلَى الْحَتْمِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.

فَلَمَّا كَانَ نَفْيُ الْجُنَاحِ، قَدْ يَكُونُ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْإِيجَابِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْمَعْنَى الْآخَرِ إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّهُ عَلَى ذَلِكَ، مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ. شرح معاني الآثار شاملة 2/ 236

قال السرخسي في المبسوط:

(بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) (قَالَ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمَلَ فِي سَعْيِهِ كُلِّهِ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ مَشَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الطَّوَافُ بَيْنَهُمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

فَأَمَّا السَّعْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَالْمَشْيُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ أَدَبٌ أَوْ سُنَّةٌ فَتَرْكُهُ لَا يُوجِبُ إلَّا الْإِسَاءَةَ كَتَرْكِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ

(قَالَ) وَإِنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ رَأْسًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَنَا، وَهَذَا لِأَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ عِنْدَنَا، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ يُوجِبُ الدَّمَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى السَّعْيُ رُكْنٌ لَا يَتِمُّ لِأَحَدٍ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ إلَّا بِهِ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ فَاسْعَوْا، وَالْمَكْتُوبُ رُكْنٌ}، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا أَتَمَّ اللَّهُ تَعَالَى لِامْرِئٍ حَجَّةً وَلَا عُمْرَةً لَا يَطُوفُ لَهَا بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ}، وَجُحَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، وَمِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلْإِيجَابِ فَيَقْتَضِي ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا، وَلَكِنَّا تَرَكْنَا هَذَا الظَّاهِرَ فِي حُكْمِ الْإِيجَابِ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا اللَّفْظَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لِأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَرَّزُونَ عَنْ الطَّوَافِ بِهِمَا لِمَكَانِ الصَّنَمَيْنِ عَلَيْهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إسَافٍ، وَنَائِلَةٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ بَيَّنَ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ حَجُّ الْبَيْتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا لَا يَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ مِنْ الطَّوَافِ يَكُونُ تَبَعًا لِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْبَيْتِ، وَلَا تَبْلُغْ دَرَجَةُ التَّبَعِ دَرَجَةَ الْأَصْلِ فَتَثْبُتُ فِيهِ صِفَةُ الْوُجُوبِ لَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير