تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1) القسم الأول: وهو أصح حديثه وهو ما حدث به قديماً، وممن سمع منه قديماً عبدالله بن وهب، والدليل على هذا هو حديث، أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "لو أن القرآن كان في إيهاب لما احترق". هذا الحديث حدث به ابن لهيعة. قال ابن وهب: لم يكن ابن لهيعة يرفع الحديث من قبل، يعني ثم بعد ذلك رفعه. ورفع هذا الحديث منكر فعبدالله ابن وهب سمع هذا الحديث من ابن لهيعة قديماً ولم يكن يرفعه، ثم سمعه منه عبدالله بن يزيد المقرئ. وعبدالله بن يزيد المقرئ أيضاً ممن روى عنه قديماً ولكن ابن وهب أقدم من عبدالله بن يزيد المقرئ وأكثر ملازمة لعبدالله بن لهيعة، ولذلك بيّن عبدالله بن وهب أن هذا الحديث ما كان ابن لهيعة يرفعه من قبل، يعني ثم بعد ذلك رفعه، فسمعه منه عبدالله بن يزيد المقرئ فرفع هذا الحديث منكر. وهذا القسم لا يحتج به. وسوف يأتي بإذن الله لماذا لا يحتج به.

2) القسم الثاني من حديث عبدالله بن لهيعه: هو ما حدث به قديماً، وما رواه قبل أن تحترق كتبه. ومن سمع منه من كتابه، فهذا القسم الثاني هو يلي القسم الأول وأقوى من القسم الذي سوف يذكر وهو القسم الثالث. والسبب في هذا القسم هو أن ابن لهيعة (رحمه الله) احترقت كتبه، فزاد ضعفه بعد احتراق هذه الكتب.

وبالمناسبة فقد أختلف هل احترقت كتبه أم لم تحترق: فهناك من نفى أن تكون كتبه قد احترقت. ووجه الجمع (والله أعلم) أن كثيراً من كتبه قد احترقت أو جزء من كتبه قد احترق وبعضها لم يحترق. وهناك ما يدل على ذلك، جاء ما يدل على أن بعض كتبه بقيت، وحتى سمع من ابن لهيعة من كتبه من سمع منه أخيراً، فجزء من كتبه قد احترق.

فهذا الذي حصل زاده ضعفاً، وأيضاً كما ذكرت فيما سبق أن ابن لهيعة كما ذكر في ترجمته من قبل بعض أصحابه أنه حدث من كتبه قديماً ثم بعد ذلك ما أخرج كتبه إلا من يأتي إليه ويسأله أو يقف على بعض كتبه فيسمع منه من كتابه وإلا فيما بعد أخذ يكثر من الحديث من حفظه فلذلك ازداد ضعفاً على الضعف الموجود فيه. فلذلك يقال أن من سمع منه قديماً ومن روى عنه قبل أن يتغيرقبل أن تحترق كتبه ومن سمع منه من كتابه أو من كتب عمن كتب عنه مثل قتيبة بن سعيد. قتيبة بن سعيد كتب عمّن كتب عنه ولذلك أثنى الإمام أحمد على رواية قتيبة بن سعيد.

3) القسم الثالث، من سمع منه أخيراً بعد احتراق كتبه وسمع منه من حفظه.

فهذه أقسام حديث ابن لهيعة.

طبعاً كل هذه الأقسام لا يحتج بها. لماذا؟ لأن جل الحفاظ، أكثر الحفاظ على تضعيف عبدالله بن لهيعة مطلقاً، كما قال يحيى بن معين: "كان ضعيفاً قبل الاختلاط وبعده". فجلّ الحفاظ على تضعيف حديثه مطلقاً بدون تفصيل، ولذلك قال أبو الحسن الدرقطني: "يعتبر برواية العبادلة عنه"، ما قال: "تُصحح"، وإنما قال: "يُعتبر" يعني لأنهم سمعوا منه قبل أن تحترق كتبه.

ثم أمر آخر: وهو أن لابن لهيعة أحاديث منكرة حتى من رواية العبادلة ومنهم عبدالله بن وهب، والدليل على هذا هو عندما تقرأ في كتاب العلل لابن أبي حاتم تجد أحاديث عديدة أنكرها أبو حاتم الرازي على عبدالله بن لهيعة، وهي من رواية ابن وهب. فلعبدالله بن لهيعة أحاديث منكرة حتى من رواية من سمعوا منه قديماً. فعندما تقرأ في كتب العلل وغيرهم من كتب أهل العلم تجد أحاديث كثيرة أنكرت على ابن لهيعة مع أنه من رواية القدماء عنه.

وأما من قوى ابن لهيعة من رواية العبادلة فالجواب عن ذلك أولاً بما تقدم، والأمر الثاني: أن الذين نقل عنهم تقوية حديث العبادلة عنه هم الحافظ عبدالغني المصري والساجي وهما لا شك أنهما من كبار الحفظ لكنهما ليسا مثل يحي بن معين أو مثل الإمام أحمدو مثل أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم من كبار الحفاظ. فلا شك أن مثل هؤلاء يقدمون على الساجي وعلى الحافظ عبدالغني المصري.

ثم قد يكون قصد الحافظ عبدالغني المصري أن ما رواه عنه العبادلة هو صحيح؛ يقصد (والله أعلم): أن رواية العبادلة من حديث ابن لهيعة. لأن هناك من روى عن ابن لهيعة أحاديث ليست من حديثة وذلك كما ذكرت: يأتي إليه أناس يقرؤون عليه أحاديث وهو يسكت ثم بعد ذلك يروونها عنه وتكون هذه الأحاديث ليست من حديثه. فلعل قصد الحافظ عبدالغني الغني المصري والساجي كذلك: أنهم يقصدون أن رواية العبادلة هي من حديث ابن لهيعة نفسه وليست من غير حديث ابن لهيعة.

وكما ذكرت فإن لعبدالله بن لهيعة أحاديث منكرة حتى ممن سمع منه قديماً وهذه الأحاديث المنكرة كثيرة في الحقيقة وليست بالقليلة. فالراجح أنه لا يحتج به وكما قال الدارقطني أنه يعتبر برواية العبادلة عنه.

والخلاصة أن رواية ابن وهب في الأصل أنها أقوى ممن روى عنه من غيره أو ممن روى عنه غيره لما ذكرت قبل قليل، ثم بعد ذلك من سمع منه قديماً غير عبدالله بن وهب، ثم بعد ذلك أضعف حديثه من سمع منه أخيراً إلا ما استثني ممن كتب عنه (مثلاً) ممن كتب من كتب ابن لهيعة ذاتها كما ذكرت مثل قتيبة بن سعيد أو محمد بن رمح، فأيضاً هذا مما استثني، أو مثل نظر بن عبدالجبار أيضاً، هذا ممن أستثني. وأثني على روايته كما أثنى عليها حماد بن صالح المصري.

نعم الخلاصة أن حديث ابن لهيعة لا يكتب ولا يحتج به لكن رواية القدماء عنه أقوى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير