تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع كون عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ممن عرف بالأخذ من كتب أهل الكتاب إلا أنه قال هذا الكلام على سبيل التقرير فإما أن يقال بأنه موقوف لكن له حكم الرفع، أو يقال إنه موقوف وهو محض اجتهاد من عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أو يقال: إنه مما أخذه عن أهل الكتاب وإن لم يصرح بأخذه عنهم عند حكايته لهذا الكلام ..

والذي يظهر لي أن له حكم الرفع، لما ترتب على كلامه من الحكم الشرعي الذي ترتب عليه عقاب، وهذا من نماذج الحديث المرفوع حكماً عند علماء مصطلح الحديث ولو كان القائل ممن عرف بالأخذ عن أهل الكتاب، فالصحابة رضي الله عنهم لا يأخذون الأحكام الشرعية من كتب أهل الكتاب.

قال السخاوي في فتح المغيث (1/ 124): "ومنه وهو المرفوع ما لا تعلق للسان به (أقول: يعني اللغة العربية)، ولا مجال للرأي فيه؛ كتفسير أمر مغيب من أمر الدنيا، أو الآخرة، أو الجنة أو النار، وتعيين ثواب أو عقاب، ونحو ذلك .. ".

وتوارد على هذا الكلام علماء المصطلح ..

وقال الصنعاني توضيح الأفكار (1/ 281): "والإخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص فهذه أشياء لا مجال للاجتهاد فيها فيحكم لها بالرفع".

فإذا تبين هذا فهل هذا الحديث أو الأثر يدل على أن قرض الشعر مطلقاً من المعاصي أم يجمع بينه وبين النصوص الأخرى التي فيها إنشاد الشعر ليلاً وبعد العشاء؟

من المعلوم أن منهج الراسخين في العلم الجمع بين النصوص ليتبين العام من الخاص، والمطلق من المقيد ونحو ذلك.

وهذا ما بينه العلماء عند شرحهم للحديث.

* * * * *

الناحية الثانية: فقه الحديث.

قال المناوي في فيض القدير (6/ 204): [(من قرض بيت شعر بعد العشاء) زاد العقيلي في روايته: (الآخرة) (لم تقبل له صلاة تلك الليلة)، ولا يزال كذلك (حتى يصبح) أي يدخل في الصباح.

وهذا في شعر فيه هجو أو إفراط في مدح أو كذب محض أو تغزل بنحو أمرد أو أجنبية أو الخمر أو نحو ذلك.

بخلاف ما كان في مدح الإسلام وأهله والزهد ومكارم الأخلاق ونحو ذلك.

(حم) من حديث قزعة بن سويد عن عاصم بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس. قال الهيثمي: قزعة بن سويد وثقه ابن معين وضعفه الجمهور إلا أن ذا لا يقتضي على الحديث بالوضع فقول ابن الجوزي هو لذلك موضوع ممنوع كما بينه الحافظ ابن حجر في القول المسدد]

وقال المناوي أيضاً في التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 438): [(من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة م تقبل له صلاة تلك الليلة حتى يصبح) هذا في شعر فيه هجو أو إفراط في مدح أو تغزل بنحو أمرد أو أجنبية أو خمر نحوه بخلاف نحو ما في الزهد والرقائق وذم الدنيا. (حم عن شداد بن أوس) واسناده حسن]

وتحسين السند ليس بحسن كما سبق بيانه، وقد سبقه إلى ذلك البوصيري في إتحاف الخيرة، وإن كان صح عن عبدالله بن عمرو موقوفاً وله حكم الرفع.

وقي ملا علي قاري في مرقاة المفاتيح (2/ 275): [(وكان) أي النبي (يكره النوم قبلها) لخوف الفوت، (والحديث بعدها) أي التحدث بكلام الدنيا ليكون ختم عمله على عبادة وآخره ذكر الله فإن النوم أخو الموت.

وفي شرح السنة أكثرهم على كراهة النوم قبل العشاء ورخص بعضهم، وكان ابن عمر يرقد قبلها، وبعضهم رخص في رمضان.

قال النووي: إذا غلبه النوم لم يكره له إذا لم يخف فوات الوقت، وأما الحديث فقد كرهه جماعة منهم سعيد بن المسيب قال: لأن أنام عن العشاء أحب إليّ من اللغو بعدها.

ورخص بعضهم التحدث في العلم وفيما لا بد منه من الحوائج ومع الأهل والضيف.

وروى أحمد في مسنده والبزار والطبراني عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله: ((من قرض بيت شعر بعد العشاء الأخيرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة))

وخُصَّ ذلك بالشعر المذموم.

وفي خبر أحمد: ((لا سمر إلا لمصل ومسافر)). [وصححه الشيخ الألباني في الصحيحية (رقم2435)]

قال النووي ومن المحرم قراءة نحو سيرة البطَّال وعنترة وغيرهما من الأخبار الكاذبة وأما الحديث في خبر أو لعذر فلا كراهة فيه".

فالحديث صح موقوفاً على عبدالله بن عمرو، وله حكم الرفع، ومعناه محمول على إنشاء الشعر الذي فيه مخالفة شرعية. هذا ما تيسر جمعه والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه:

أسامة بن عطايا العتيبي

20/ 1/1431هـ

ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[08 - 01 - 10, 08:59 ص]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[حسين ابراهيم]ــــــــ[24 - 02 - 10, 09:59 ص]ـ

بارك الله فيك وزادك علما نافعا وادخلك الجنة بفضله ورحمته

ـ[أبو المقداد]ــــــــ[24 - 02 - 10, 10:16 م]ـ

فرواه علي بن الجعد في مسنده (ص496)

طبع الكتاب بهذا الاسم خطأ، وإنما هو (حديث علي بن الجعد) الشهير بالجعديات، ومؤلفه أبو القاسم البغوي، وليس علي بن الجعد! ولعلك تتصل بالشيخ عبد الكريم الخضير لتتأكد من هذه المعلومة يا (أسامة)!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير