وقال إسحاق بن راهويه ([43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn43)):" في عماء يعني في سحابة". وقال الخليل بن أحمد ([44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn44)):" العماء: السحاب الكثيف المطبق".
وقيل:"العماء: الغيم الرقيق".وقيل: السحاب الممطر.
وقيل: السحاب الأسود.
وأما بالقصر (العمى): هو عبارة عن الحالة المضادة للبصر ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn45)).
أولًا: معنى الحديثِ على ذلك عندَ أهلِ السُّنَّةِ.
قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية:" وأما قوله (في عماء) فعلى ما ذكره يزيد بن هارون ورواه عنه أحمد بن منيع وقرره الترمذي في أن معناه ليس معه شيء فيكون فيه دلالة على أن الله تعالى كان وليس معه شيء"اهـ
وقال أيضًا ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn46)):" ... قوله (كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء) لا سيما وهذا لا ينافي الفوقية والعلو بالقدرة والقهر والتدبير"اهـ
وقال ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn47)):" وذكر بعضهم أن هذا هو السحاب المذكور فى قوله (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام) "اهـ
وقال مرعي الكرمي ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn48)):" هذا الحديث من المشكلات حيث قال عليه السلام كان في عماء وهو سبحانه منزه عن الظرفية ولم أر من كشف عن حقيقته بما يرفع إشكاله إلا أن يقال إن في بمعنى على كما قالوا في قوله أأمنتم من في السماء الملك"اهـ
قلت: وليس كما ذكر، بل قد رفع إشكاله البيهقي في الأسماء والصفات ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn49))، فقال:" وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي عَمَاءٍ أَيْ: فَوْقَ سَحَابٍ مُدْبِرًا لَهُ وَعَالِيًا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَعْنِي: مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ وَقَالَ: وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يَعْنِي: عَلَى جُذُوعِهَا"اهـ
وأما قوله (ما فوقه هواء وما تحته هواء) فما فيه محتملة لأن تكون نافية أو موصولة، والضمير عائد اتفاقًا على (العماء).
ومن فوائد الحديث:
· جواز السؤال: أين الله؟
· العلو الذاتي لله تعالى.
· الإشارة إلى سبق خلق الماء على العرش، كما قال ابن جرير.
وليس في الحديث إدنى إشارة إلى ما ذهب إليه الدهرية والفلاسفة من قدم العالم الذاتي أو الطبعي، قال ابن تيمية ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn50)):" ثم لو دل على وجود موجود على قول من يفسر العماء بالسحاب الرقيق لم يكن في ذلك دليل على قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين وذلك أن الله سبحانه وتعالى أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده كما قال وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وأخبر بخلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام في غير موضع وجاءت بذلك الأحاديث الكثيرة"اهـ
ونقل ابن القيم ([51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn51)) في تفسير رواية (العمى):" قال أبو القاسم: العماء ممدود، وهو السحاب والعمى مقصور: الظلمة، وقد روي الحديث بالمد والقصر، فمن رواه بالمد فمعناه عنده كان في عماء سحاب ما تحته هواء وما فوقه هواء. والهاء راجعة على العماء، ومن رواه بالقصر فمعناه عنده كان في عمى عن خلقه لأنه من عمي عن شيء فقد أظلم عنه"اهـ
وذلك لأن (العمى) هو (الظلمة).
ثانيًا: معنى الحديثِ عندَ الأشاعرةِ.
ذهب كثير من أئمة الأشاعرة إلى تضعيف الحديث منهم: الفخر الرازي في تفسيره لما قال ([52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn52)):" السؤال الثاني: هل يصح ما يروى أنه قيل يا رسول الله، أين كان ربنا قبل خلق السموات والأرض؟ فقال كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء. والجواب: أن هذه الرواية ضعيفة، والأولى أن يكون الخبر المشهور أولى بالقبول وهو قوله صلى الله عليه وسلم كان الله وما كان معه شيء، ثم كان عرشه على الماء "اهـ
وبدر الدين بن جماعة في إيضاح الدليل لما قال:" وأما حديث أبي رزين العقيلي أين كان ربنا؟ قال كان في عماء فهو حديث ضعيف تفرد به يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس"اهـ
¥