ورد على ظاهره بقوله ([53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn53)):" قد بينا ضعف الحديث وعدم الاحتجاج به، وبتقدير ثبوته فالجواب: أن النبي لم ينفر الداخلين في الإسلام أولًا من الأعراب والجاهلية لأنهم كانوا أهل جفاء وغلظة طباع غير فاهمين لدقائق النظر فكان لاينفرهم ويعيرهم بمبادرة الأفكار عليهم.
وقيل: معناه أين كان عرش ربنا؟ بحذف المضاف ويدل عليه قوله: (وكان عرشه على الماء).
وأما قوله: في عماء، روي بالمد والقصر فأما المد فهو الغيم الرقيق والمراد به جهة العلو أي فوق العماء بالقهر والتدبير لا بالمكان.
وأما بالقصر قال الترمذي عن يزيد بن هارون أنه قال: العمى أي ليس معه شيء. فالمراد أنه كان وحده ولا شيء معه، ويدل عليه حديث عمران بن حصين الثابت في الصحيح كان الله ولم يكن شيء غيره وروي ولا شيء معه فشبه عدم الأشياء بالعمى لأن الأعمى لا يرى شيئًا وكذلك المعدوم لا يرى، ونفي التحتية والفوقية في العمى بقوله ما تحته هواء يعني ليس تحت المعدوم المعبر عنه بالعمى هواء ولا فوقه هواء لأن ذلك المعدوم لا شيء فلم يكن له تحت ولا فوق بوجه"اهـ
وذهب إلى تقدير محذوف مضاف إلى لفظ الجلالة كما تقدم من قولهم (عرش الله)، ذهب إلى ذلك غير واحد مهم ابن الأثير الجزري صاحب النهاية ([54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn54))، وحكاه ابن الجوزي عن بعضهم في غريبه ([55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn55))، وأبو عبيد الهروي صاحب الغريبين ([56] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn56))، وغير واحد.
وهو مردود لما تقدم من كلام ابن جرير، ولما "روى السدي في تفسيره بأسانيد متعددة أن الله لم يخلق شيئًا مما خلق قبل الماء " ([57] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn57))، ولمناسبة عود الضمير على لفظ الجلالة في قوله (ثم خلق عرشه على الماء)، ومعناه على هذا التأويل أيضًا فاسد لأنه يكون: أين كان عرش الله؟ فيجاب: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه!! على الماء. هذا لا يستقيم.
وقال القاضي ناصر الدين بن المنير ([58] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn58)):" وجه الإشكال في الحديث الظرفية والفوقية والتحتية قال: والجواب: أن في بمعنى على، وعلى بمعنى الاستيلاء أي كان مستوليًا على هذا السحاب الذي خلق منه المخلوقات كلها.
والضمير في فوقه يعود إلى السحاب وكذلك تحته أي كان مستوليًا على هذا السحاب الذي فوقه الهواء وتحته الهواء وروى بلفظ القصر في عمى والمعنى عدم ما سواه كأنه قال كان لم يكن معه شيء بل كل شيء كان عدمًا عمي لا موجودًا ولا مدركًا والهواء الفراغ أيضا العدم كأنه قال كان ولا شيء معه ولا فوق ولا تحت".
ثالثًا: معنى الحديثِ عندَ الصُّوفيَّةِ.
صنف ([59] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn59)) في ذلك الحديث أبو البركات الجامي الصوفي ([60] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn60)) رسالة، ونقل الكشميري عن الصوفية في معنى الحديث أنهم قالوا ([61] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn61)):" إن عماء صفته تعالى وجلّ شأنه هو الصادر الأول ويسمى وجوداً منبسطاً، ويقولون: إن الصفات زائدة لا عين الذات كما نسب إليهم من لا يدري مذهبهم، وقالوا: إن الصادر الأول صدر بالإيجاب وهو قديم، وحاصل الحديث عندهم: كان الله ولم يكن شيء، لأن العماء وغيره من الصفات ليست بغير الله، وقال الشيخ محب الله أبادي الصوفي: إن الوجود المنبسط هو مستقر كل شيء ويتصور عليه الأشياء وتستقر وإنه غير متناهٍ"اهـ
وقال ابن عربي ([62] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn62)):" ولا يقال الأشياء المذكورة ليس شيء منها على صورة الرحمن إلا الإنسان لأنا نقول معنى هذا على زعمك أن أول ظهور الحق من العماء ظهوره في صورة الإنسان ثم ظهر في الصور الأخر"اهـ
والصوفية عليهم غضب الله يعتقدون أن لله صورة تجلت في محمد صلى الله عليه وسلم كما تتجلى صورة المواجه المرآة في المرآة! صرح بذلك الكفر غير واحد منهم ([63] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn63)): الكشخانلي، ومحمد الدمرداش، والجيلي، والبيطار، والقاشاني، والفوتي، وعلي حرازم، والشعراني.
¥