(8) قوله (ولن تزال هذه الأمة)، هو من العام المراد به الخصوص، فإن المراد به بعض الأمة كما دل على ذلك أدلة منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون)). أخرجه البخاري في (كتاب الاعتصام) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(9) في المراد بالطائفة المنصورة أقوال، جزم البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه بأنهم أهل العلم بالآثار، وقال أحمد بن حنبل: ((إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم)).
وقال القاضي عياض: ((أراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث)).
وقال النووي: ((يحتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيم أمر الله تعالى من مجاهد، وفقيه، ومحدث، وزاهد، وآمر بالمعروف، وغير ذلك من أنواع الخير، ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد، بل يجوز أن يكونوا متفرقين)). ذكر هذه الأقوال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري).
(10) (أمر الله): ذكر في الجملة الأخيرة مرتين لكل منهما معنى، فمعنى (أمر الله) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله)) شرع الله ودينه، وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))، ومعنى أمر الله في قوله: (حتى يأتي أمر الله) ما قدره الله وقضاه من خروج ريح في آخر الزمان تقبض روح كل من في قلبه شيء من الإيمان، ويبقى شرار الناس الذين عليهم تقوم الساعة كما جاء ذلك في أحاديث صحيحة، منها ما رواه مسلم في صحيحه في (كتاب الفتن) في ذكر الأمور التي تجري في آخر الزمان وفيه: ((بينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة)).
والأمر كالإرادة يأتي لمعنى كوني قدري ومعنى ديني شرعي، وهذا الحديث فيه شاهد لكل من المعنيين.
(11) من فقه الحديث وما يستنبط منه:
(1) الترغيب في طلب العلم والحث عليه.
(2) بيان فضل العلماء على سائر الناس.
(3) بيان فضل التفقه في الدين على سائر العلوم.
(4) إثبات صفة الإرادة لله تعالى.
(5) أن الفقه في الدين علامة لإرادة الله الخير بالعبد.
(6) إرشاد الناس إلى السنة وإعلانها على المنابر.
(7) الإيمان بالقضاء والقدر وأن المعطي المانع هو الله تعالى.
(8) بشارة هذه الأمة بأن الخير باق فيها.
(9) إخباره صلى الله عليه وسلم عما يستقبل وهو من الغيب الذي أطلعه الله عليه.
(10) إخباره بهذا المغيب من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم حيث وقع كما أخبر مدة أربعة عشر قرناً الماضية، ولابد من استمرار ذلك حتى يأتي أمر الله كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه.
(11) وجوب الإيمان بوقوع استمرار الحق، وأنه لا ينقطع حتى يأتي أمر الله كما جاء ذلك عن الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه.
(12) هذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم عما يستقبل أحد طريقي العلم بالشيء الذي قدره الله والطريق الثانية الوقوع.
(13) أن الطائفة المنصورة لها مخالفون ومناوؤون.
(14) الحث على التمسك بالكتاب والسنة ليكون العبد من هذه الطائفة.
(15) بيان أن أعداء هذه الطائفة لا يضرونها ولا يؤثرون على استمرار الحق.
(16) أن استمرار الحق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم منقبة عظيمة لها.
(17) أن الإجماع حجة.
المصدر: http://www.alssunnah.com/main/articles.aspx?selected_article_no=4222&menu_id=4221