تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو الحسن الهمذاني: (مات هذا العلم بوفاة الخطيب؛ وقد كان رئيسُ الرؤساء تقدم إلى الوعاظ والخطباء ألاّ يرووا حديثاً حتى يعرضوه على أبي بكر).

وقال شجاع الذهلي: (الخطيب إمام مصنف حافظ لم يدرك مثله).

وقال الحافظ أبو سعد السمعاني في (الذيل على تاريخ الخطيب) كما نقله عنه الذهبي في (السير) (11/ 138) و (التذكرة): (كان الخطيب مهيباً وقوراً ثقة متحرياً حجة حسن الخط كثير الضبط فصيحاً ختم به الحفاظ).

[[هامش: قلت: هذه الكلمة أي أن فلاناً قد ختم به الحفاظ تداولتها ألسنة كثير من الحفاظ والنقاد في أزمنة كثيرة جداً، ولعل ذلك بحسب تغير أحوال أهل العلم ونزول صفاتهم قرناً بعد قرن. قال الذهبي في (التذكرة) (3/ 1170) في ترجمة الكتاني: "الامام المحدث المتقن مفيد دمشق ومحدثها---- سمع الكثير وجمع فأوعى وسمع ما لا يوصف كثرة---؛ وألف وجمع، ويحتمل أن يوصف بالحفظ في وقته، ولو كان موجوداً في زماننا لعد من الحفاظ"]].

وقال سعيد المؤدب: (قلت للخطيب عند لقائي له: أنت الحافظ أبو بكر؟ فقال: أنا أحمد بن علي الخطيب، انتهى الحفظ إلى الدارقطني).

وقال الذهبي في أول ترجمة الخطيب من (السير): (الإمام الأوحد العلامة المفتي الحافظ الناقد محدث الوقت أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي صاحب التصانيف وخاتمة الحفاظ).

رابعاً: شدة تثبته وتحريه: أسند الذهبي في (التذكرة) (4/ 1248) إلى الخطيب أنه قال: (من صنف فقد جعل عقله في طبق يعرضه على الناس).

وقال الذهبي في (السير) (11/ 141): (قال ابن طاهر: سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا، كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام؛ وإن ألححنا عليه غضب؛ كانت له بادرة وحشة؛ ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه).

وكذلك ذكر هذا الخبر الذهبي في التذكرة سوى الجملة الأخيرة أعني قوله (ولم يكن حفظه----).

[تنبيه: ورد هذا الخبر في التنكيل هكذا (وفيها [يعني (التذكرة)] ج3 ص318 عن عبد الوارث الشيرازي: كنا إذا سألنا عن شيء أجابنا بعد أيام؛ وإن ألححنا عليه غضب؛ كانت له بادرة وحشة)؛ والصواب أن الكلمة لابن عبد الوارث لا له].

وقال الذهبي في (التذكرة) (4/ 1205) في أثناء ترجمة ابن ماكولا:

(قال أبو طاهر بن سلفة [هو الحافظ السِّلفي]: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه)؛ وكذلك قال الحميدي ففي (تذكرة الحفاظ) (4/ 1203 - 1204): (قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا أحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه).

وتقدم قول الحافظ السمعاني (كان الخطيب مهيباً وقوراً ثقة متحرياً حجة).

وقال المعلمي في (التنكيل) (1/ 159 - 160) في أثناء كلام له في الذب عن الحافظ الخطيب وذكر فضائله:

(الثالث: أن الخطيب لم يكن يتساهل في الرواية من حفظه)؛ ثم ذكر ما تقدم ذكره من كلام الحميدي وأبي الغنائم والشيرازي.

وقال المعلمي في (التنكيل) أيضاً (1/ 160) عقب كلام له في توكيد كون الخطيب ثقة متقناً وعالماً متثبتاً: (هذا وقد علمنا أن الأئمة وثقوا الخطيب وثبتوه وبالغوا في إطرائه؛ ولم يعثر له المتعنتون على أدنى خلل في الرواية؛ وقد علمت محاولة ابن الجوزي الغض من الخطيب فلم يظفر بشيء من باب الرواية، وإنما تعنت في أمور أخر قد مرّ ما فيها، فمحاولة الأستاذ أن ينسب التغيير إلى الخطيب وأنه تعمده تناوش من مكان بعيد).

قلت: ومما قد يدل على تثبت الخطيب وكراهته للتساهل - وإن كان ذلك التثبت مشهوراً ومقطوعاً به، ولكن لا بأس من تظاهر الحجج - هو انتقاده لشيخه أبي نعيم الاصبهاني بقوله (قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها: منها أنه يقول في الإجازة: أخبرنا؛ من غير أن يبين)؛ انظر (تذكرة الحفاظ) (3/ 1096) و (التنكيل) (1/ 122).

وأحب أن أختم هذا الفصل بمقالة نفيسة للعلامة المعلمي رحمه الله ضرب فيها الخطيب مثلاً للتثبت؛ أنقلها على طولها، وعذري في التطويل بها طرفتُها ونفاستها؛ قال رحمه الله في (التنكيل) (1/ 56 - 57):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير