تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقوله هنا (---في الأحكام الكبرى---) فيه غرابة لأن مطالعته لـ (بيان الوهم والإيهام) مقتضية أن يعرف منها أن أبا محمد لا يذكر أحاديث كتابه المتعقَّب بأسانيد لنفسه، بل ولا ينقل من المصادر الأسانيدَ كاملة مع المتون إلا نادراً، وهو بخلاف ما قد قيل في (الأحكام الكبرى)، مما نقله الذهبي نفسه بقوله المتقدم (قيل: هي بأسانيده).

فما هو وجه هذا الاختلاف بين ما نقله الذهبي من صفة (الأحكام الكبرى)، وما وقف عليه هو من تلك الصفة بواسطة فرعها كتاب ابن القطان؟

الظاهر أن الذهبي لم ير (الأحكام الكبرى) ولا (الأحكام الوسطى) ولكنه وجد قولاً لواحد أو أكثر من واحد ممن سبقه من العلماء، يذكر فيه أن كتاب أبي محمد الذي ألف عليه ابن القطان: هو كتاب (الأحكام الكبرى)؛ وسمع أو قرأ قولاً يذكر أن أحاديث (الأحكام الكبرى) رواها عبد الحق بأسانيده؛ ولكنه لما طالع (بيان الوهم والإيهام) عرف من تلك المطالعة أن كتاب أبي محمد - الذي هو أصل كتاب ابن القطان - غير مسند؛ فهذا يتضح لكل من طالع كتاب ابن القطان.

إذن دل الخبر القطعي - وهو الوقوف على طريقة أبي محمد بواسطة كتاب ابن القطان - الذهبيَّ على وجود خلاف بين من ادعى أن أبا محمد أسند أحاديثه، وبين من ادعى أن أصل كتاب ابن القطان هو (الأحكام الكبرى) لأبي محمد؛ وهنا رجح الذهبي هذا القول الثاني، لكثرة قائليه، أو لثقته بقائله، على ذلك القول الأول الذي يظهر أنه كان يشك في صحته فإنه – كما تقدم - نقله بصيغة التمريض، ثم أعقبه بقوله (فالله أعلم).

فلا يبعد أن بعض المتقدمين ممن ذكر أن ابن القطان ألف كتابه على (الأحكام الكبرى) كان يريد الوسطى لأنه هي الكبرى عنده، أعني أنه كان ينسب لأبي محمد كتابين في الأحكام، لا ثلاثة، وهما (الأحكام الصغرى) و (الأحكام الكبرى)، التي هي الوسطى في الحقيقة؛ أو أنه كان يعد الوسطى نسخة محررة منقحة مهذبة من (الكبرى).

وقد تقدم توجيه كلام الغبريني والأبار بما يوافق هذا المعنى.

وأما ما ذكره الغبريني في (عنوان الدراية) (ص74) من قوله (وقد كتب أبو عبدالله ابن القطان، مزوار الطلبة بالمغرب، على الأحكام الصغرى نكتاً واستلحاقاً؛ وكتب غيره عليها رداً وإصلاحاً)؛ فهذا وهم ظاهر؛ ولعل الغبريني لم يقف على كتاب ابن القطان، وأنه بلغه أمره سماعاً فوهم هو فيه أو أوهمه مخبرُه.

تنبيهان:

الأول: سبق نفي وقوف الذهبي على كتابَي (الأحكام الكبرى) و (الأحكام الوسطى)؛ وأزيد هنا فأقول: أما (الأحكام الصغرى) فقد وقف عليها الذهبي، فإنه قال في (السير) (12/ 429): (وقد أنبأنا بـ (الأحكام الصغرى) الإمام محمد بن هارون في كتابه إلينا من المغرب، فقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي نصر بسماعه من المصنف أبي محمد عبدالحق).

الثاني: لعبد العزيز بن بزيزة المغربي التميمي شرح على (الأحكام) لأبي محمد، نقل منه ابن حجر في (الإصابة) (3/ 43)، وفي مواضع كثيرة من (الفتح)، منها (4/ 135)؛ وكذلك نقل من هذا الشرح - أو عنه – السيوطي في بعض كتبه والمناوي في (فيض القدير) وغيرهما.

ولا أدري هل المشروح (الأحكام الصغرى)، وهو الأرجح عندي، أو (الوسطى)؛ وأستبعد كونه (الكبرى).

وكذلك شرح صدر الدين بن المرحل المعروف بابن الوكيل، (وقد توفي سنة 716هـ) كتاب (الأحكام) لعبد الحق؛ وأقول في تعيينه مثلما تقدم في تعيين الذي قبله.

*****

وأخيراً فهذا ذكر ما قاله ابن فرحون في (الديباج المذهب) بشأن مصنفات أبي محمد، ليكون ذلك تكملة لما تقدم من التفاصيل، أو تأكيداً لبعضها، قال:

(ومن جملة تآليفه: ما نقله محمد بن حسن بن عبد الله بن خلف بن يوسف الأنصاري عن المؤلف - إملاء منه عليه - قال - بعد أن ذكر ما تقدم ذكره:

وكتاب المرشد تضمن حديث مسلم كله: وما زاد البخاري على مسلم وأضاف إلى ذلك أحاديث حساناً وصحاحاً من كتاب أبي داود وكتاب النسائي وكتاب الترمذي وغير ذلك وما وقع في الموطأ مما ليس في مسلم والبخاري وهو أكبر من صحيح مسلم.

وكتاب الجامع الكبير في الحديث ومقصوده فيه: الكتب الستة وأضاف إليه كثيراً من مسند البزار وغيره، منه صحيح ومعتل، تكلم على علله ونهب منه في دخلة البلد في الفتنة.

وكتاب بيان الحديث المعتل؛ وهو قدر صحيح مسلم؛ وقد تقدم ذكره.

وذكر جامع الكتب الستة؛ نهب منه أيضاً في الدخلة المذكورة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير