تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وترجم المعلمي رحمه الله لأبي سعد ترجمة وافية في مقدمة كتاب "الأنساب" له، وأتى فيها بخلاصة طيبة وتنبيهات مهمة كان من مقاصد بعضها تحرير عقيدة السمعاني، وذلك في قوله عند ذكره الكرجي في جملة من ذكرهم من شيوخ المترجَم:

(أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر الكرجي الفقيه الشافعي (458 - 532) ذكره أبو سعد في رسم (الكرجي) قال: "فكتبت بالكرج عن الإمام أبي الحسن محمد بن أبي طالب عبد الملك الكرجي وكان إماماً متقناً مكثراً من الحديث".

وكان هذا الكرجي شافعياً ويخالف منصوص المذهب حيث يقوى الدليل عنده، من ذلك أنه لا يقنت في الصبح، وكان سلفي العقيدة له في ذلك كتاب "الفصول عن الأئمة الفحول".

وفي ترجمة الكرجي من "طبقات الشافعية" (4/ 81) ثناء عاطر من أبي سعد (كأنه في التحبير) على الكرجي، ومنه: (إمام عالم ورع عاقل فقيه مفت محدث شاعر أديب له مجموع حسن أفنى طول عمره في جمع العلوم ونشرها)، وأن أبا سعد قال: (وله قصيدة يائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مئتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج)؛ وذكر ابن السبكي أبياتاً من القصيدة وفيها التصريح بالعلو الذاتي وغير ذلك وذم للأشعري، فراح ابن السبكي يتشكك ويشكك، ويزعم أن ابن السمعاني أشعري وأن ذلك يقتضي أحد أمور: إما أن لا تكون تلك القصيدة هي التي عناها أبو سعد، وإما أن تكون الأبيات التي تخالف مذهب الأشعري وتذمه مدسوسة فيها [في الأصل (منها) بدل (فيها)]، وإما أن يكون ذكر القصيدة وسماعها مدسوساً في كتاب أبي سعد؛ والظاهر سقوط هذه الاحتمالات، وإن أبا سعد سلفي العقيدة، فإن شيوخه الذين يبالغ في الثناء عليهم سلفيون، ولم أر في الأنساب ما هو بيِّنٌ في خلاف ذلك.

وقد حاول ابن الجوزي الحنبلي في "المنتظم" أن يعيب زميله أبا سعد، وجهد في ذلك، ولم يذكر ما يدل على أنه أشعري، نعم زعم أن أبا سعد (كان يتعصب على مذهب أحمد ويبالغ)؛ ومعنى هذا أنه شافعي، ولو أراد أنه أشعري لقال: كان يتعصب على أهل السنة، أو كان يتعصب لأهل البدع، أو نحو ذلك. ومع هذا حاول ابن الجوزي أن يقيم شهادة على دعواه فلم يصنع شيئاً كما يأتي.

نعم لم يكن أبو سعد يتصدى لعيب [أصحاب] الأشعري والطعن فيهم، بل إذا اتفق ذكر أحد منهم أثنى عليه بما فيه من المحاسن أو حكى ثناء غيره، وكذلك الحنفية الذين آذوا جده أبلغ أذية، تراه يسوق تراجمهم ويبالغ في الثناء عليهم، وقوله في بعضهم انه كان يتعصب لمذهبه حكاية للواقع، مع أنه في نظر الحنفية كلمة مدح، ولذلك تراهم ينقلونها مبتهجين بها، وهم عالة على أبي سعد في أكثر طبقاتهم).

وقال الذهبي في (السير) و (التذكرة) (ج4 ص1289 - 1292) في ترجمة الحافظ ابن ناصر السلامي وهو من كبار شيوخ ابن الجوزي، وكان شافعياً ثم تحول حنبلياً، واللفظ لفظه في (السير):

(قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس، فرد ابن الجوزي هذا [القول]، وقبّحه، وقال: صاحب الحديث يجرح ويعدل، أفلا تفرق يا هذا بين الجرح والغيبة؟ ثم قال [ابن الجوزي]: وهو [يعني السمعاني] قد احتج بكلام ابن ناصر في كثير من التراجم في "الذيل" له؛ ثم بالغ ابن الجوزي في الحط على أبي سعد، ونسبه إلى التعصب البارد على الحنابلة؛ وأنا فما رأيت أبا سعد كذلك؛ ولا ريب أن ابن ناصر يتعسف في الحط على جماعة من الشيوخ، وأبو سعد أعلم بالتاريخ وأحفظ من ابن الجوزي ومن ابن ناصر؛ وهذا قوله في ابن ناصر في "الذيل": قال: هو ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوي عارف بالمتون والأسانيد كثير الصلاة والتلاوة غير أنه يحب أن يقع في الناس، وهو صحيح القراءة والنقل).

قال المعلمي: (وكلام ابن الجوزي تجن محض أوقعه فيه إفراط غبطته لزميله المتفوق عليه غفر الله للجميع).

***********************************

تكميل:

1 - جمعت الباحثة منيرة ناجي سالم في رسالة جامعية كتاباً في أبي سعد السمعاني أسمته (تاج الاسلام أبو سعد السمعاني وكتابه التحبير في المعجم الكبير) وقد طبع في (488) صفحة تناولت فيه بالدراسة بيت أبي سعد وتراجم من اشتهر من السمعانيين، وسيرة أبي سعد وطرق تحمله ما رواه عن غيره ورحلته وأماكن دراسته ومؤلفاته والرواة عنه ومكانته العلمية وفصولاً أربعة في كتاب التحبير تناولت صفة الكتاب ومصادره ومنهجه وأهميته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير