وأما ابن حجر فزاد على ما في الميزان أشياء نقلها من تاريخ بغداد للخطيب أيضاً ومن تاريخ حلب لابن العديم ومن تاريخ ابن النجار الذي هو ذيل لتاريخ الخطيب. وفي زيادات ابن حجر هذه: نسبة الأزدي إلى الوضع وذكره بما يقتضي سقوطه، ولكن هذه الزيادات لم تقع في مطبوعة اللسان في الموضع المخصص – فيما يظهر للناظر – لترجمة الأزدي هذا؛ وانما وقعت – فيما يظهر للناظر أيضاً – تحت ترجمة راو آخر تلي ترجمة الأزدي الناقد، والذهبي إنما ذكره في أثناء ترجمة الناقد للتمييز والتنبيه لأن اسمه كاسمه فهو محمد بن الحسين الأزدي أيضاً، ولكن اسمه أُبرز من قبل الناسخ أو الطابع وجعل ترجمة مفردة قائمة بنفسها وجُعل كل ما ورد بعدها تابعاً لها إلى آخر ترجمة الموصلي، وإنما ذكر الذهبي كلاماً مختصراً في هذا الرجل الذي عرض ذكره ثم عاد يتكلم في الأزدي الناقد.
نبه على هذا المعلمي رحمه الله تعالى، فقد قال في (التنكيل) (ص430):
(أما الأزدي فقد تكلموا فيه حتى اتهموه بالوضع، راجع ترجمته في لسان الميزان (ج5رقم464) مع الرقم الذي يليه، من (قال الخطيب) إلى آخر الترجمة فإنه متعلق بألأزدي).
[وأما الشيخ الالباني فلم يتنبه لهذا فقد قال في تخريج الحديث (204) من "سلسلة الأحاديث الضعيفة": (قلت: الأزدي هذا ترجمه الذهبي في "الميزان" وذكر تضعيفه عن بعضهم، ولم يذكر عن أحد اتهامه بالوضع، وكذلك الحافظ في "اللسان"، ولم يزد على ما في الميزان [!!]، بل قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/ 166): (ووهاه جماعة بلا مستند طائل)، فالظاهر أنه بريء العهدة من هذا الحديث، فالتهمة منحصرة في المصيصي هذا)].
ثم زاد المعلمي: (قال ابن حجر في ترجمة أحمد بن شبيب في الفصل التاسع من "مقدمة الفتح": (لا عبرة بقول الأزدي لأنه هو ضعيف فكيف يعتمد في تضعيف الثقات؟!)، وذكر نحو ذلك في ترجمة خيثم بن عراك وغيرها. وقال في ترجمة علي بن أبي هاشم: (قدمت غير مرة أن الأزدي لا يعتبر تجريحه لضعفه هو)) ا. هـ
ولكن قال فيه الذهبي في (التذكرة) (3/ 967):
(الحافظ العلامة أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الموصلي نزيل بغداد---.
قال الخطيب: كان حافظاً صنف في علوم الحديث، وسألت البرقاني عنه فضعفه؛ حدثني النجيب عبد الغفار الأرموي قال: رأيت أهل الموصل يوهنونه ولا يعدونه شيئاً.
قلت: له مصنف كبير في الضعفاء، وهو قوي النفَس في الجرح، وهّاه جماعة بلا مستند طائل).
فهنا احتمالان اثنان:
الأول: أن الذهبي لم يريد بهذه العبارة تقوية الأزدي أو الميل إلى توثيقه، وإنما أراد أن يدفع عنه الكذب وما يقاربه من السقوط والضعف الشديد، ولذا استعمل كلمة (وهاه) دون كلمة (ضعفه)، ومما قد يؤيد هذا قوله فيه في العبر: (ضعفه البرقاني) من غير أن يزيد هناك في نقده على هذا شيئاً؛ فالظاهر أنه أقره، ومما قد يؤيده أيضاً أن مجرد التضعيف الذي لا شدة فيه، من قِبل النقاد، لراو لم تثبت عدالته: لا يحتاج إلى مستند طائل، كما يعلم هذا الحافظ الذهبي والنقاد؛ وكذلك الحال هنا فإن تضعيف الأزدي لا يكاد يخالفه شيء.
الثاني: أن الذهبي أراد مطلق التضعيف، وحينئذ يكون في قوله نظر؛ وهي دعوى لا تقبل من الحافظ الذهبي إلا إذا اقترنت بتفنيد جميع تلك الأقوال التي فيها نسبة الأزدي إلى الوضع أو اتهامه به أو بالكذب، وكذلك التي فيها نسبته إلى الوهي الشديد؛ ومن أصرح الطعون الواردة فيه ما نقله الخطيب من أنه وضع لابن بويه حديثاً خطيراً في معناه، وهو أن جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في صورته؛ وأظن المراد صورة ابن بويه؛ ولم يتعقب الخطيب هذه الرواية بشيء؛ كما تقدم.
فلا أدري أكان الذهبي قد وقف على التجريح الذي زاده على "ميزانه" ابن حجر في "اللسان" ولكنه لأمر من الأمور لم يعتد به ولم يره مستنداً طائلاً؛ أم أنه لم يقف عليه أصلاً – وهذا بعيد –؛ أم أنه وقف عليه ثم ذهل عنه؟
إذن فالأزدي ضعيف في أحسن أحواله، ولا حسْن فيها، ولا يبعد أن يكون أسوأ من ذلك.
وقال مؤلفا (تحرير التقريب) (1/ 400): (الأزدي ليس ممن يؤخذ عنهم الجرح والتعديل لما فيه من الضعف).
وقالا (2/ 53): (وهو ممن لا يؤخذ بقوله إذا انفرد).
وانظر أيضاً "التحرير" (1/ 64 و400) و (2/ 151و204).
"
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 01 - 06, 05:47 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيكم
ومما يضاف لكلام الذهبي في الموصلي قوله كما في الميزان (1/ 5) (وأبو الفتح يسرف في الجرح، وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأوعى، وجرح خلقا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلم فيه) انتهى.
وذكره في رسالته ((ذكر من يعتمد عليه في الجرح والتعديل)).
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[22 - 01 - 06, 06:34 م]ـ
"
الأول: أن الذهبي لم يريد
"
الصحيح - كما هو معلوم - (لم يُرِد).
جزاك الله خيرا وبارك فيكم
وفيكم - شيخنا الفاضل - بارك الله.
"
¥