وقال ابن حبان في (الثقات): كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يكن يروي إلا ما صح، ولا يحدث إلا عن ثقة مع الفقه والدين والفضل والنسك، وبه تخرج الشافعي؛ وروى ابن خزيمة في (صحيحه) عن ابن عيينة قال: إنما كنا نتبع آثار مالك، وننظر إلى الشيخ إن كتب عنه، وإلا تركناه، وما مثلي ومثل مالك إلا كما قال الشاعر:
وابنُ اللّبُون إِذَا مَا لز في قرن **** لَمْ يَسْتَطِع صَولة البزل القناعيس).
وقال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (3/ 10) في بعض الرواة: "قد اعتمده مالك مع شدة نقده" (2).
وقال النسائي في مالك:
"لا نعلمه روى عن إنسان ضعيف مشهور بضعف الا عاصم بن عبيد الله فإنه روى عنه حديثاً، وعن عمرو بن أبي عمرو، وهو أصلح من عاصم، وعن شريك بن أبي نمر، وهو أصلح من عمرو بن أبي عمرو في الحديث، ولا نعلم مالكاً روى عن أحد يترك حديثه غير عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية البصري، والله أعلم. ولا نعلم في هذا الباب مثل مالك بن أنس رحمه الله والله أعلم ".
كذا في سؤالات الحاكم للدارقطني (ص287 - 288)، والكلمة الأخيرة (ولا نعلم----) لست أقطع بأنها من كلام النسائي بل هي محتملة أن تكون من كلام الدارقطني او الحاكم.
وقال ابن حجر في (تهذيب التهذيب): "وقال النسائي: ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك، ولا أجل منه، ولا أوثق، ولا آمن على الحديث منه، ولا أقل رواية عن الضعفاء، ما علمناه حدث عن متروك إلا عبد الكريم ".
وقال ابن عدي في (الكامل) (6/ 126) – ونقله عنه ابن حجر في ترجمة أبي الزبير من التهذيب -: "وكفى بأبي الزبير صدقاً أن حدث عنه مالك، فإن مالكاً لا يروي إلا عن ثقة ".
وقال ابن عدي أيضاً في عمرو بن أبي عمرو – واسمه ميسرة – مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب القرشي: "لا بأس به لأن مالكاً قد روى عنه ولا يروي مالك إلا عن صدوق ثقة ".
تنبيه: الشيخ المذكور ضعفه ابن معين رغم أنه من شيوخ مالك.
وقال القاضي إسماعيل: "إنما يعتبر بمالك في أهل بلده، فأما الغرباء فليس يحتج به فيهم".
قال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) (1/ 380 - 381): "وبنحو هذا اعتذر غير واحد عن مالك في روايته عن عبد الكريم أبي أمية وغيره من الغرباء ".
وقال ابن حبان في (الثقات) (7/ 459) وابن منجويه في (رجال صحيح مسلم) (2/ 220): "كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يكن يروي إلا ما صح ولا يحدث إلا عن ثقة، مع الفقه والدين والفضل والنسك".
وقال الذهبي في (السير) (8/ 67 - 68): "إبراهيم بن المنذر حدثنا معن وغيره عن مالك قال: لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه، وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس، وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به " (3).
قال ابن محرز في (معرفة الرجال): "سمعت ابن نمير يقول: ما أحد قاسٍ قوله في الرجال غير مالك بن أنس (4) ".
والقول بتوثيق جميع شيوخ مالك بلا استثناء مذهب ضعيف أو لا يخلو من تساهل، والحق الذي يوافق ما صرح به غير واحد من المحققين هو توثيق المدنيين من شيوخ مالك إلا إذا قام الدليل على خلاف ذلك، بخلاف غير المدنيين من شيوخه فلا تعد رواية مالك عنهم كافية في توثيقهم، وقد قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج13ص79): "قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زرعه وسئل عن مرسلات الثوري ومرسلات شعبة، فقال: الثوري تساهل في الرجال وشعبة لا يدلس ولا يرسل، قيل له: فمالك مرسلاته أثبت أم الأوزاعي؟ قال: مالك لا يكاد يرسل إلا عن قوم ثقات، مالك متثبت في أهل بلده جداً؛ فإن تساهل فإنما يتساهل في قوم غرباء لا يعرفهم ".
ومن العلماء من لم يستثن من شيوخ مالك إلا رجلاً واحداً أو رجلين؛ قال عبّاس الدّوريّ عن يحيىَ بن مَعِين: قد روىَ مالك عن عبد الكريم أبي أمية وهو بصري ضَعِيف.
وقال هو أو غيره عن يحيىَ بن مَعِين: "كُل مَن روىَ عنه مالك بن أنَس فهو ثقة إلاّ عبد الكريم البَصْريّ أبو أُمية (5) ".
وقال الجوزجاني في معرفة الرجال: "داود بن حصين لا يحمد الناس حديثه، قد روى عنه مالك على انتقاده ".
¥