فإذا جمعنا طرق هذا الحديث عن زيد بن ارقم رضي الله عنه نجد انه روي عنه بعدة ألفاظ من أصحها ما انتقاه الإمام المبجل مسلم بن الحجاج وخرجه في صحيحه، وهو أصح الطرق وأقواها عن زيد بن ارقم رضي الله عنه
وإذا تأملت في عدد من الأحاديث المضطربة التي اختلف فيها الرواة ثم وجدت الإمام مسلم رحمه الله خرج طريقا ومتنا منها فإنه من أسلم الطرق واصحها،
فإذا تأملت في كثرة اضطراب الرواة في هذا الحديث ثم تاملت كيف أخرج الإمام مسلم رحمه الله أحسن الطرق واصحها واسلمها من الاضطراب، عرف قيمة اللفظ والسند الذي يختاره الإمام مسلم رحمه الله.
وعلى ما سبق فيكون الأقرب في هذا الحديث أنه لايصح، والله أعلم.
والصواب في هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحيه ج4/ص1873
حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا عن بن علية قال زهير حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حيان قال انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي
فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال ومن هم قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم.
فهذه هي الرواية الصحيحة التي اختارها الإمام مسلم رحمه الله، وهي سالمة من الشذوذ والعلة، وليس فيها اللفظ السابق.
فلا يكفي الاقتصار على ظاهر الإسناد في الحكم على الحديث، بل لابد من جمع طرقه ودراستها والمقارنة بينها.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[05 - 02 - 06, 05:13 ص]ـ
عموما هذا رأي الشيخ الفقيه، أما الألباني و السيوطي و المناوي و الذهبي و الحاكم و ابن حجر و الطحاوي و غيرهم فيرون صحة الحديث بل قال البعض بتواتره
الأخ الدوري جزاكم الله خيرا، وممن قال بصحته بل وتواتره مولانا الجد الإمام محدث الحرمين الشريفين محمد المنتصر بالله الكتاني في غير ما كتاب، كمعجم فقه السلف، وشرح مسند الإمام أحمد وغيرهما.
أما مسألة الترجيح بآل البيت رضوان الله عنهم فهي مسألة أصولية، مذكورة في مبحث وسائل الترجيح وغيره، وقد سبقت إشارتنا إلى عمل العلماء بها.
أما القول بأن فيهم الفاضل والمفضول، فذلك مصادرة عن المطلوب لأننا تحدثنا عن الأئمة منهم، على ما في هذا الكلام من جفاء تجاه من ألزمنا الشرع بمحبتهم وتعظيم قدرهم.
أما نساء النبي رضي الله عنهن فلسن من آل البيت في الاصطلاح، لأن آل البيت هم أهل العباء سلام الله ورحماته تترى عليهم وعلى ذرياتهم، وإن كن رضي الله عنهن من أهله صلى الله عليه وأزواجه وأصحابه وآله وسلم.
وإن أردنا مسايرة من خالفنا فهاهي عائشة رضي الله عنها خرجت على أمير المؤمنين وجيشت عليه الجيوش حتى نبحت عليها كلاب الحدأة. وهاهي حفصة رضي الله عنها تحاملت على زينب بنت جحش ونسبت إليها ما لم تفعله لتوقع بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ من الأمور التي حكم الله بها في سابق قدره لميز المعصوم من غير المعصوم، وإن كنا نجزم بأن الله تعالى قد غفر لهن لأنهن من خيرة نساء العالمين. فهل نقول بأن الله تعالى لم يطهرهن تطهيرا ... وتطهيرا مفعول مطلق يدل على الاستمرارية والمبالغة كما لا يخفى لدى اللغويين.
والله تعالى أراد أن يطهر آل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم، وحتى لو ذكرت أن نساء النبي هن آل البيت فلا حجة لك في استثناء آله بنص الحديث والقرآن وهم علي وفاطمة وبنو علي من صلبها، فهل أحد يرد إرادة الله تعالى؟، وقد أجمع المفسرون على أن "عسى" إن جاءت في القرآن الكريم فإنما يراد بها التحقيق لا التمني.
أما اختصاص آل البيت بأهل العباء، دون من تنسل عنهم فعموم النصوص وتصريح الأعلام ظاهر في عدم ذلك وأن الفضل يسري في أعقابهم، ووجود نقص في البعض نكله لخالقهم سبحانه وتعالى ولا ينقص من محبتنا وتوقيرنا وتعظيمنا لهم، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة.
أما الاستدلال بمنهاج السنة لشيخ الإسلام رحمه الله، فلا حجة في ذلك، لأنه صرح بأفضليتهم في غير ما موضع من الفتاوى والتدمرية وغيرها أولا، ولأن كتاب المنهاج كتاب مناظرة، فيحتج فيه بما قصد به الاحتجاج لا بمطلق إلزاماته، إذ لا يخلو الكتاب من تعسفات تمسك بها أعداء الرجل، فليتنبه.
ثم إن هذه التفاضيل خارجة عن المبحث الذي نحن بصدده، وأظن أن ما سلكناه لا يخالفنا فيه أحد من السلف أو الخلف، وعليه الاعتماد، ولتراجع النصوص في أبواب التعارض والترجيح وغيرها في كتب الاصطلاح والأصول، والله يهدي للحق وسواء السبيل.
¥