ونحن زيادة على ذلك نقول: لو تمعنت في الأمر قليلاً لو جدت الحديث حجة لنا لا علينا، إذ هو قرينة واضحة على أن المقصود بالآية أزواجه فلو كانت نازلة بخصوص أصحاب الكساء لما كان لدعاء النبي لهم معنى فما الداعي له والأمر محسوم من الأساس بدون دعائه؟! وإذن دعاء النبي طلب من الله أن يشمل بكرامته من دعا لهم شفقة منه أن لا يكون حكم الآية عاماً لأنه نزل في معرض الخطاب لأزواجه، ولو كان النبي يقطع بدخولهم في حكمها أو كان مطمئناً إلى ذلك لما دعا لهم.
مجيء اللفظ بصيغة العموم والمراد به الخصوص
أن مجيء اللفظ عاماً في صيغته والمراد به خصوص معناه معروف في لغة العرب إذا احتفت به قرائن توجب أو ترجح حمله على ذلك.
والقرينة إما حالية أو لفظية، فالحالية كما في قوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً) فلفظ " أرض " و"أهلها" عام، والمراد به أرض مصر وأهلها وهو خاص. والقرينة ما نقطع به تاريخياً أن فرعون لم يحكم عموم الأرض.
وقال تعالى عن الريح التي أرسلها على عاد: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) "1" فلفظ "كل شيء" عام لكن القرينة اللفظية التي بعده وهي قوله: (فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ) صرفت المعنى إلى الخصوص فلم يعم المساكن.
كذلك لفظ "أهل البيت" في الآية فهو وإن كان عاماً في صيغته فقد احتفت به قرائن منها المعنى الحقيقي "لأهل البيت" وهو الزوجة وسياق الآيات وسبب النزول … إلخ. جعلته يبدو للسامع خاصاً بأزواج النبي ولم تكن من قرينة تجعل النبي يطمئن ويقطع بأن المراد به العموم، لذلك دعا رسول الله لأصحاب الكساء،، وهكذا صار دعاؤه قرينة لنا على أمرين:
الأول أن أزواجه أول المقصودين بالآية.
الثاني: شمول اللفظ لبقية أهل بيته، ولولا دعاؤه لما كنا نستطيع القطع بالأمر الثاني فتأمل.
أما قصر الآية على أهل الكساء دون أزواج النبي فباطل لوجوه منها:
1 - المعني اللغوي لأهل بيت الرجل وهو أزواجه ومن يساكنه في بيته ولم يكن في بيته عند نزول الآية من أهله غير أزواجه.
2 - المعنى الحقيقي للأهل هو الزوجة. وأما تعديه إلى الأقارب فمجاز. وقد مرَّ بنا قول الراغب الأصفهاني:" أهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوز به فقيل: أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب " وحمل اللفظ على معناه المجازي دون الحقيقي لا يكون إلا بعد اجتماع أمرين:
1) مانع.
2) قرينة.
مانع يمنع حمله على حقيقته وقرينة تصرفه إلى مجازه ولا مانع من حمل الآية على حقيقة معناها "الزوجة" بل ولا قرينة ساعة نزول الآية ترجح عموم المعنى فضلاً عن قصره على مجازه.
ـ[عبدالكريم الشهري]ــــــــ[23 - 02 - 06, 02:38 م]ـ
جزى الله الشيخ حمزه وابا عبدالرحمن خيرا
أخي الكريم أما الآية فأحاديث كثيرة صحيحة صريحة في أنها في علي وفاطمة وابنيهما، راجع التفاسير، والاختلاف في هل يتبع بهم أمهات المؤمنين وعموم معنى آل البيت أم مختصون بهم ...
أما تفاصيل معنى آل البيت فانظرها مشروحة في تفسير القاسمي لدى الحديث عن هذه الآية ...
والفقير عامل الآن على جمع بحث موسع في الموضوع عجل الله ظهوره ...
عجل الله فرجه (ابتسامه)
وقد انكحنا الفرى فسنرى
والسلام عليك ورحمة الله.
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[25 - 02 - 06, 01:31 م]ـ
من الأمور التي أعجبتني في هذا المنتدى المبارك والتي تميز بها عن كثير من المنتديات المشابهة هو احترام الأخوة المشاركين في النقاش لبعضهم وسعة صدورهم واحتمالهم للمخالف واستعمال الدليل في الاحتجاج مع توقير اهل العلم السابقين، لكني رأيت في هذه الزاوية خروجا على هذا الأدب الجميل الذي درج عليه أعضاء المنتدى من حيث القدح في بعض المشاركين واتهامهم ورميهم بالجهل ونحو ذلك
يا إخوة نحن هنا نتدارس الأمور ولا تظنوا أنكم سوف تحلون كل خلاف موجود في المسائل المتحدث فيها، فإذا كانت المسألة قد اختلف فيها قبلنا فلا تطمعوا أن يحدث فيها اجتماع، نحن هنا نتدارس ويوضح كل منا ما عنده على أمل تخفيف حدة الخلاف لا على أمل قطعه
هذه كلمة عامة
ثم إنكم في هذه الزاوية قد ابتعدتم كثيرا عن السؤال وتطرقتم إلى قضايا كثيرة صحيح لها علاقة بالموضوع لكن الموضوع الأصلى قد ترك بعد عدة مداخلات قليلة
والسؤال هو:
إذا تعارض قول أحد التابعين مع قول أحد التابعين من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة ما تخص حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته كزواجه ومعاملته مع أزواجه وأحواله في بيته .. فهل يقدم قول التابعي من آل بيت النبي على قول التابعي الآخر إذا تعذرت أوجه دفع التعارض الأخرى
فهو يفترض التعارض بين تابعي وتابعي آخر
أحدهم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة خاصة وليس في مسألة عامة (تخص حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته كزواجه ومعاملته مع أزواجه وأحواله في بيته .. )
وتعذرت أوجه دفع التعارض الأخرى
فهل يكون من الترجيحات التي يعتد بها الأخذ بقول التابعي من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على أساي أن له عناية خاصة بذلك وله اطلاع أكثر من غيره على ذلك وفي الغالب هو تلقى ذلك عن صحابي من أهل البيت، وقد كان أهل العلم يرجحون عند اختلاف النصوص بكون هذا الراوي صاحب القصة بعكس مخالفه فيكون صاحب القصة أكثر ضبطا لها وهذا قريب من موضوعنا
وقد روى ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وروت ميمونة الحديث تزوجني وهو حلال وكلاهما صحيح من حيث السند وقد رجح أهل العلم الذين أخذوا بحديث ميمونة وتركوا حديث ابن عباس على أساي أنها صاحبة القصة
الذي يبدو من هذه الصورة التي أوردها السائل أن هذا وجه معتبر في الترجيح فمن أخذ به فقد أحسن ولا حرج عليه، ومن تبين له وجه آخر فأخذ به فلا حرج ولا تحتاج المسألة إلى تطويل كثير
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
الشريف أبو عمر الطباطبي
¥