وإنني أؤيد كلام الشيخ عبد القدوس في أن واضعه هندي معاصر، لما سيأتي.
ثانياً:
إن المخطوط مزور، وليس من كتابات القرن العاشر -وإن كُتب عليه ذلك، وجاهد الحميري لتثبيته- فمن الواضح للعارف أن كاتبه خطاط معاصر هندي، وخطه من جنس خطوط الطبعات الحجرية في القرن الماضي في الهند، وطريقة كتابة الحروف تؤكد ذلك، مثل الياء آخر الكلمة (مثل كلمة الزهري)، وكلمة (الطاؤس)، و (الملئكة)، هذا في الصفحة الأولى التي أوردها الحميري (ص18) ويمكن النظر فيها في النموذج المرفق.
وفي الصفحة الأخيرة التي أوردها الحميري (ص22): تلاحظ كتابة الهاء آخر الكلمة (مثل: مثله، الآية، عليه)، والحاء المقطوعة آخر (نجيح)، والغين المقطوعة آخر (الفراغ)، وهذه هي الطريقة الشائعة في الكتابة عند الهنود، ومن عنده مصحف من تلك المصاحف الباكستانية والهندية التي كانت منتشرة قبل اشتهار نسخة عثمان طه سيشاهد الخط نفسه، وقال لي الشيخ عبد القدوس نذير الهندي لما رأى الخط: هذا خط هندي معاصر. وكذلك قال لي الشيخ عمر بن سليمان الحفيان -وهو درس ماجستير علم المخطوطات في معهد المخطوطات في القاهرة- وغيرهما.
أما الحميري فأراد صرف النظر عن ذلك بالتأكيد أن ذلك الخط هو خط القرن العاشر، وأورد ثلاث نماذج لذلك، ولا يسلّم له ذلك إطلاقا، فالمخطوط كُتب بخط مقارب بين النسخي والثلث، وكاتبه خطاط، وغاية الأمر أن النماذج التي أوردها مكتوبة بخط نسخي وكتبها خطاطون أيضا، فلا غرابة أن تتشابه بعض طريقة الكتابة والخط مقارب على يد خطاطين يمشون على القاعدة، ولكن يرد عليه أن الخط النسخي قد استقرت قواعده على يد حمد الله الأماسي (ت922)، الذي قام بإدخال الإصلاحات النهائية على خطي النسخ والثلث فأضفى عليهما جمالاً باهرًا هو ما نشاهده هذه الأيام، ومع نهاية هذا القرن أصبح الخط مستقرًا، وعليه فإن خطوط القرن العاشر في النسخ والثلث لا تختلف عن خطوطنا نحن اليوم، فلماذا يتحكم الحميري في أن خط المخطوط هو خط القرن العاشر فقط؟
ثم لدينا نماذج كثيرة جدا من خطوط ذلك القرن ليست بالخط النسخي ولا الثلثي أصلا ولا تشبه الخط بتاتاً، فماذا يقول عنها؟
فكان على الحميري أن يكتفي بذكر تاريخ النسخة المثبت بآخرها ويسكت عن دعوى المقارنة ما دام أنه يثق في نسخته، إلا أن علمه بأن فيها ما يريب حمله على ما فعل!
• هذا ما كنتُ سطّرتُه في كتابتي الأولى، أما الآن فقد تبين أن المخطوط حديث النسخ، أفاد الشيخ الكمداني أنه رآه بورق حديث وخط طري! وأنه لما طولب واضعه الهندي بأصل نسخته أفاد أنه استنسخها من مكتبة بالاتحاد السوفييتي، وأنها احترقت! فبطل أمر المخطوط أصلاً، وبان كذب ما جاء فيها أنه نُسخت سنة 933 في بغداد!!
ويأتي مزيد أدلة على أن الواضع هندي عند الكلام على متون الكتاب.
وهذه صورة المخطوط المزعوم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=35258&d=1139693101
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=35259&d=1139693101
ثالثاً:
أما إتقان الناسخ فادعاء غير صحيح، ولا يصدَّق الحميري في زعمه ونقله بشكل عام؛ وفي هذا خصوصاً، وأمامنا من نسخته -التي زعمها متقنة- صفحتان مصورتان فقط، وأربعون حديثا هي عدد أحاديث المطبوع، وبغض النظر عن مسألة الكذب نجد في الحديث الأول أنه أخطأ في اسم الصحابي الشهير السائب بن يزيد رضي الله عنه، فكتبه ابن زيد، وفي الحديث الثاني قال ابن جريج (من أتباع التابعين): أخبرني البراء الصحابي! فأين الإتقان وهذه البداية؟
ومن أدلة قولي إن الحميري لا يصدّق في نقوله أنه يغيّر ما في المخطوط (المتقن بزعمه) من عنده! ففي الصفحة الأولى من المخطوطة التي أوردها (ص18): (فسجد خمس مرات، فعُبِّدت علينا تلك السجدات)، فكتبها الحميري في المتن (ص53): (خمس مرات، فصارت علينا)، ولم يُشر إلى تغييره! لعله إخفاء لعُجمة التركيب في الأصل! وعلى كل حال فهذه خيانة في التحقيق لم يظهر لنا منها إلا من القدر اليسير الذي أظهره، فكيف بما خفي علينا ولم يورده؟!
وفي حديث جابر في النور (رقم 18) غيّر من أصله المتقن (؟!) وأثبت من نقل قدوته وإمامه محيي الدين بن عربي الحاتمي للحديث!
¥