مثال الثالث: قال فضالة بن عبيد: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز ففصّلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: "لا تباع حتى تُفصّل" قال المالكية - استدلالا بالحديث - بمنع بيع الذهب والعرض بذهب، وقال الأحناف ورد في رواية أخرى بالضاد "حتى تفضُل"
مثال الرابع: {أو يعفوَ الذي بيده عقدة النكاح} قال المالكية وغيرهم على أن لأب الزوجة أن يسقط نصف الصداق المفروض على الزوج إذا طلقها قبل المسيس، ويقول الأحناف والشافعية هذا اللفظ مشترك بين الزوج ووليّ الزوجة لأن الزوج أيضاً يصدق عليه كون عقدة النكاح بيده.
مثال الخامس: جاء في حديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله ابن مسعود قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "تَمْرة طيبة وماء طَهور" فقال أبو حنيفة يجوز الوضوء بماء التمر (نبيذه) في السفر، أما أصحاب مالك فيقولون إن المعنى المقصود من هذا اللفظ أنه مجموع من تمرة طيبة ومن ماء طهور لا أنه بعد الجمع والنقع يصدق عليه أنه تمرة طيبة وماء َطهور.
أما المرجحات فهي إما قرائن لفظية أو سياقية او خارجية.
قال ابن القيم (زاد المعاد):
[فساد حمل المشترك على معنييه]
... وما يدعى فيه الاشتراك فهو عنده من قبيل المتواطئ، وأما الشافعي فمنصبه في العلم أجل من أن يقول مثل هذا وإنما استنبط هذا من قوله إذا أوصى لمواليه تناول المولى من فوق ومن أسفل وهذا قد يكون قاله لاعتقاده أن المولى من الأسماء المتواطئة، وأن موضعه القدر المشترك بينهما فإنه من الأسماء المتضايفة كقوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه" ولا يلزم من هذا أن يحكى عنه قاعدة عامة في الأسماء التي ليس من معانيها قدر مشترك أن تحمل عند الإطلاق على جميع معانيها ثم الذي يدل على فساد هذا القول وجوه:
أحدها: أن استعمال اللفظ في معنييه إنما هو مجاز إذ وضعه لكل واحد منهما على سبيل الانفراد هو الحقيقة واللفظ المطلق لا يجوز حمله على المجاز بل يجب حمله على حقيقته.
الثاني: أنه لو قدر أنه موضوع لهما منفردين ولكل واحد منهما مجتمعين فإنه يكون له حينئذ ثلاثة مفاهيم فالحمل على أحد مفاهيمه دون غيره بغير موجب ممتنع.
الثالث: أنه حينئذ يستحيل حمله على جميع معانيه إذ حمله على هذا وحده وعليهما معا مستلزم للجمع بين النقيضين فيستحيل حمله على جميع معانيه وحمله عليهما معا حمل له على بعض مفهوماته فحمله على جميعها يبطل حمله على جميعها.
الرابع: أن هاهنا أمورا. أحدها: هذه الحقيقة وحدها والثاني: الحقيقة الأخرى وحدها والثالث: مجموعهما والرابع: مجاز هذه وحدها والخامس: مجاز الأخرى وحدها والسادس: مجازهما معا والسابع: الحقيقة وحدها مع مجازها والثامن: الحقيقة مع مجاز الأخرى والتاسع: الحقيقة الواحدة مع مجازهما والعاشر: الحقيقة الأخرى مع مجازها والحادي عشر: مع مجاز الأخرى والثاني عشر: مع مجازهما فهذه اثنا عشر محملا بعضها على سبيل الحقيقة وبعضها على سبيل المجاز فتعيين معنى واحد مجازي دون سائر المجازات والحقائق ترجيح من غير مرجح وهو ممتنع.
الخامس: أنه لو وجب حمله على المعنيين جميعا لصار من صيغ العموم لأن حكم الاسم العام وجوب حمله على جميع مفرداته عند التجرد من التخصيص، ولو كان كذلك لجاز استثناء أحد المعنيين منه ولسبق إلى الذهن منه عند الإطلاق العموم وكان المستعمل له في أحد معنييه بمنزلة المستعمل للاسم العام في بعض معانيه فيكون متجوزا في خطابه غير متكلم بالحقيقة وأن يكون من استعمله في معنييه غير محتاج إلى دليل وإنما يحتاج إليه من نفى المعنى الآخر ولوجب أن يفهم منه الشمول قبل البحث عن التخصيص عند من يقول بذلك في صيغ العموم ولا ينفي الإجمال عنه إذ يصير بمنزلة سائر الألفاظ العامة وهذا باطل قطعا، وأحكام الأسماء المشتركة لا تفارق أحكام الأسماء العامة وهذا مما يعلم بالاضطرار من اللغة ...
ـ[إبراهيم الأبياري]ــــــــ[25 - 10 - 08, 04:13 ص]ـ
بارك الله فيكم.
إضافة إلى ما تفضل به الأخ " إبراهيم الجزائري "، أسوق هذين النقلين عن الإمام ابن القيم:
- قال - رحمه الله -: ولا يقال الصلاة لفظ مشترك ويجوز أن يستعمل في معنييه معا لأن في ذلك محاذير متعددة:
¥