تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حرف النفي قد يدخل على الكلام ويراد به نفي الأصل نحو قوله تعالى {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما} وقوله تعالى {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية}، ونحو قول النبي صلى الله عليه وسلم {لا نكاح إلا بولي} و {لا نكاح إلا بشهود}، و {لا صلاة إلا بقراءة} وقد يراد به نفي الكمال مع بقاء الأصل نحو قوله تعالى {إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون} ثم قال تعالى {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} فنفاها بدءا ثم أثبتها ثانيا فعلمنا أنه لم يرد به

نفي الأصل وإنما أراد نفي الكمال يعني لا أيمان لهم وافية يفون بها ومثله قوله صلى الله عليه وسلم {لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد}، و {من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له}، و {لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه} و {لا دين لمن لا أمانة له}.

ونحو قول الشاعر:

لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا بن الرقاع ولكن لست من أحد

ومعلوم أنه لم يود نفيه عن أن يكون متسما بذلك ومعدودا من جملة الناس وأنه أحدهم وإنما أراد لست من أحد يؤبه له ويعتد به.

فقد ثبت بما وصفنا أن حرف النفي قد ينفى به الأصل تارة والكمال أخرى مع ثبات الأصل وغير جائز أن يراد به الأمران جميعا في حال واحدة لأنه إذا أراد نفي الأصل لم يثبت فيه شيء ومتى أراد إيجاب النقص ونفي الكمال فقد دل لا محالة على أن شيئا منه قد ثبت وأنه مع ذلك غير كامل وهذا لا يصح أن يوصف به ما لم يثبت منه شيء.

لأنا متى قلنا إن هذه صلاة ناقصة فقد أثبتنا منها شيئا ناقصا لأنه لا يصح أن يوصف ما لم يثبت منه شيء بالنقصان إذ كان النقصان هو فوات البعض مع ثبات الأصل.

فثبت بذلك أنه غير جائز أن يراد به الأمران جميعا من نفي الأصل ونفي الكمال في حال واحدة.

ثم ما بعد هذا من حكمه مختلف فيه عند الإطلاق.

فقال قائلون: اللفظ محتمل للأمرين وليس هو بأحد الوجهين أولى منه بالآخر.

وغير ذلك جائز أن يرادا جميعا فغير جائز الحكم به على أحد الوجهين دون الآخر إلا بدلالة كسائر الألفاظ المحتملة للمعاني المختلفة التي لا يصح أن ينتظمها لفظ واحد في حال واحدة نحو القرء المحتمل للحيض والطهر ونظائره من الأسماء.

وقال آخرون: هو عند الإطلاق بنفي الأصل أولى منه بنفي الكمال وإنما الحمل على نفي الكمال بدلالة.

قالوا لأن حقيقته نفي ما يدخل عليه فينفي جميعه وإنما يحمل على نفي البعض بدلالة.

و (قد) قال أبو موسى عيسى بن أبان في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم {لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه} إنه لما اتفق الجميع على أن ترك التسمية على الوضوء لا يمنع صحته لم يخل الحديث من أن يكون منسوخا أو وهما أو له معنى غير الظاهر لأن التسمية لو كانت من شرط الوضوء لنقلته الأمة كنقلها الظهر أربعا والمغرب ثلاثا ولأمروا من لم يسم بإعادة الوضوء والصلاة.

قال أبو بكر: فدل قوله أن له معنى غير الظاهر (إذ) الذي (يقتضيه) ظاهر اللفظ هو

نفي الأصل، و (أنه) إنما صار إلى نفي الكمال بدلالة وهذا القول هو الصحيح عندنا، لأنهم لا يختلفون أن دخوله على الخبر عن الفعل يقتضي نفيه رأسا كقوله تعالى {فاليوم لا يخرجون منها} وقوله تعالى {ولا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون} وهذا ظاهر معقول من اللفظ في دخوله على الاسم أيضا كقولنا لا إله إلا الله (ولا حول) ولا قوة إلا بالله وقوله تعالى {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة}، و {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء}، و {ليس على الأعمى حرج} قد اقتضى نفي جميع ما دخل عليه إلا ما استثني.

منه ولا يحتاج السامع في الوصول إلى العلم بوقوع نفي الأصل إلى دلالة أخرى من غير اللفظ.

وكذلك عقل من قول القائل ليس في الدار أحد وليس عند فلان مال وما جرى مجرى ذلك إذا أطلق اقتضى نفي الجميع ولا يحتاج السامع (له) إلى استفهام القائل في إرادة نفي الكمال أو الأصل بل المفهوم منه نفي الأصل.

وأيضا: فلما كانت حقيقة هذا اللفظ وموضوعه النفي فواجب أن يكون نفي الجميع أولى به حتى تقوم الدلالة على إرادة نفي البعض كلفظ العموم وسائر الألفاظ الموضوعة للمعاني تقتضي إفادة جميع ما وضع له وجعل عبارة عنه حتى تقوم الدلالة على إرادة البعض دون الكل. اه

ـ[أبومسلم الأثري]ــــــــ[10 - 11 - 08, 10:47 م]ـ

هل من قائل بهذا القول غير هؤلاء؟

ـ[أبومسلم الأثري]ــــــــ[27 - 07 - 09, 01:07 ص]ـ

للرفع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير