تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[26 - 11 - 08, 12:38 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم.

• السواك كما هو معلم معروف سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام: " أُمِرْتُ بالسواك حتى خشيت أن أدْرَدَ" [الصحيحة 1556 والدرد: سقوط الأسنان]، وقال " أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي " [الصحيحة 1556 وهو حسن]، وقال: " أمرت بالسواك حتى خفت على أسناني " [الصحيحة 1556]، وقال " أمرني جبريل بالسواك حتى خشيت أني سأدرد " [الصحيحة 1556].

• السواك مرضاة للرب مطهرة للفم: قال صلى الله عليه وسلم " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " [رواه أحمد والنسائي والبيهقي وصححه الألباني].

• هو من سنن الوضوء: قال صلى الله عليه وسلم " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " [رواه مالك والشافعي والبيهقي والحاكم].

• هو مستحب قبل الصلاة قال صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة " [متفق عليه].

قال ابن عاشور في تعريفه للوسائل: «هي الأحكام التي شرعت لأن بها تحصيل أحكام أخرى، فهي غير مقصودة لذاتها بل لتحصيل غيرها على الوجه المطلوب الأكمل؛ إذ بدونها قد لا يحصل المقصد أو يحصل معرضاً للاختلال والانحلال».

ولا شك أن السواك مقصود في ذاتها كما هو مقصود للتطهر فهو عبادة في نفسه وسيلة لغيره كما دلت الأحاديث على ذلك.

وواضح من الكلام الذي نقلته أن الوسائل تتغير بتغير الأزمنة، وهذا معروف عند أهل العلم قاطبة، فكما هو مقرر أن الوسائل تتغير، لكن الوسيلة التي نص عليها الشارع تكون معتبرة شرعا أي أنها مقصودة شرعا وإن كانت وسيلة لغيرها، ومن هنا يظهر لنا تقسيم للوسائل، فالوسائل قسمين:

• قسم مقصد في ذاته وسيلة لتحقيق غيره، قال الشاطبي: «والأعمال قد يكون بعضها وسيلة إلى البعض، وإن صح أن تكون مقصودة في أنفسها» [الموافقات، 1/ 66]، وهذا الصنف يشمل الوضوء -كما سبق ذكره من أستاذنا القرطاس مذهبي- أو السواك والمشي للصلاة والزواج لقصد الذرية فكل هذه وغيرها وسائل لغيرها مقاصد في ذاتها فلا يمكن إغفالها وتركها.

• قسم وسيلة محضة إلى تحقيق غيره، وهذا القسم من الوسائل هو الذي يمكن إهماله في تحقيق المقاصد «وقد تقرر أن الوسائل -من حيث هي وسائل- غير مقصودة لأنفسها وإنما هي تبع للمقاصد؛ بحيث لو توصل إلى المقاصد دونها لم يتوسل بها، وبحيث لو فرضنا عدم المقاصد جملة لم يكن للوسائل اعتبار، بل كانت تكون كالعبث» [الموافقات، 2/ 212].

وليس هناك سبيل لمعرفة أن الوسيلة مقصودة في ذاتها إلا بالنص، فما كان فيه نص يدل على عظمه فهو مقصود في ذاته وإن أفضى إلى مقصد غيره، وليست نسبة المصلحة والمفسدة هي التي تدل على المقصد، بل مختلفة ومتغيرة بحسب الأفعال، ولاعتبار اختلاف الزمان والمكان والشخص دور بارز في الموازنة بين النفع والضرر. فقد تتحقق مصلحة الشارع في فعل من الأفعال في إطار زماني ومكاني ما، في حين يرتفع هذا التحقق إذا اختلف هذا الوضع ويؤول الأمر إلى مفسدة، ومن ثم نجد حرص العلماء على مراعاة اختلاف العوائد والأعراف في الفتوى والحكم والقضاء، والاجتهاد لكل واقع بما يحقق مقصد الشارع فيه. وقد قرر الإمام القرافي هذا في قوله: «إن استمرار الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع، وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد، يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة». [الإمام القرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، بيروت: دار البشائر الإسلامية، ص23.]

ونجد الإمام الشاطبي يضرب لذلك مثلا بقوله «ما يكون متبدلاً في العادة من حسن إلى قبح، وبالعكس، مثل كشف الرأس فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع، فهو لذوي المروءات قبيح في البلاد المشرقية، وغير قبيح في البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح». [الموافقات، 2/ 280].

كما نجد الإمام القرافي إعتمد العرف أيضا حيث قال: «فمهما تجدد من العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك، لا تجبره على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده، وأجره عليه وافته به دون عرف بلدك والمقرر في كتابك فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبداً ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين». [الفروق، 1/ 176 - 177].

هذا والله أعلم.

ـ[أبو كوثر المقدشي]ــــــــ[29 - 11 - 08, 12:53 ص]ـ

[ quote= أبو الفضل مهدي المغربي;935526] بسم الله الرحمن الرحيم.

وليس هناك سبيل لمعرفة أن الوسيلة مقصودة في ذاتها إلا بالنص، فما كان فيه نص يدل على عظمه فهو مقصود في ذاته وإن أفضى إلى مقصد غيره، وليست نسبة المصلحة والمفسدة هي التي تدل على المقصد، بل مختلفة ومتغيرة بحسب الأفعال، ولاعتبار اختلاف الزمان والمكان والشخص دور بارز في الموازنة بين النفع والضرر.

هذه المسألة في اعتقادي من المسائل التي ليس فيها كثير اختلاف من حيث التنظير، ولكن الاشكال في تنزيل ذلك على المسائل الجزئية، وعليه فما الذي يمنع من القول بأن تنظيف الفم مقصود ولكن تنظيفه بعود الأراك غير مقصود، كما أن التطهر من الخارج النجس مطلوب، ولكن تحقق ذلك بالأحجار للاستجمار غير مقصود وقد ورد النص بهذا وذاك.

فما رأي الإخوة في التفريق بين ما هو مقصود لذاته وما هو غير ذلك بكون ذلك معقول المعنى أو كونه غير معقول المعنى، فما كان من الأول فهو غير مقصود لذاته بخلاف الثاني؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير