تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النمص مثلا محرم بالنص؛ لكن هل يُقال لمن أجاز التشقير أو القص أنه مخالف للنص؟! أبدا لأن احتمال دخول كل من التشقير و القص في معنى النمص و عدم احتماله وارد؛ فهذا كذلك محل اجتهاد في غير مورد النص للاختلاف في تعريف النمص أصلا.

و بارك الله فيكم، و أرجو أن أكون قد وُفقت لرفع الإشكال عن أخينا أبي الشيماء وفقه الله.

ـ[القرطاس مذهبي]ــــــــ[02 - 12 - 08, 07:26 ص]ـ

الأخوة الأحباب رعاهم الله تعالى

إسمجوا لي أن أؤكذد أن ما ذُكر أعلاه يحتاج إلى مزيد بيان:

فقد أحسن الأخوة في بعض المواضع سيما عندما قسّموا الألفاظ عند الأصوليين من حيث دلالتها على المعنى أيبوضوح أو غيره، وكا هو معلوم فإنّ الأصوليين قسّموا الألفاظ إلى ظهور وخفاء .... فقد ذكر الأخوة ألفاظ الظهور وهي الظاهر والنّص وفاتهم اللفظ المحكم وهو الّذي [وأنا أكتب هنا من محفوظاتي فاعذروا أن سقط لفظٌ] يدلّ على معناه دلالة واضحة بحيث لا يحتمل أي معنى آخر، ولا يحتمل النّسخ لا في زمن النّبوّة ولا بعدها. ومثال ذلك [حرّمت عليكم أمهاتكن]. كما أنهم خلطوا ألفاظ الخفاء مع الظهور فالمؤؤل والمجمل من ألفاظ الخفاء.

وأما عن مسالتنا الّتي بين أيدينا، فأقول وبالله التوفيق

إنّ النّصّ المُراد هنا ليس النّصّ بالمعنى الأصوليّ وهو الّذي يدلّ على معناه دلالة واضحة بحيث لا يحتمل غير القرينة وإن كان يحتملالنّسخ في ومن الرّسالة لا بعدها ..... والدّليل على ما أقول هو أنّ المحكم يدخل في هذا الباب من باب أولى ...

وإنّما أُريد بالقاعدة النّصّ أي الوارد من القُرآن أو السّنة ومن هنا حاجة هذه القاعدة إلى الضّوابط.

إذ سمعنا من أهل العلم من يقول: لا اجتهاد إلا في مورد النّصّ ....

فهل الاجتهاد إلى نظرٌ في نصّ أو قياسٌ عليه؟!؟!؟!!؟

فكيف يُقال لا اجتهاد في مورد النّصّ!؟!؟؟!

فالمُرادُ إذن أنّه لا اجتهادَ في المُحكَمات والنّصوص ... وقد جمعها العُلماء بأنّها:

الحدود، الكفّارات، أمّهات العبادات، أمّهات الأخلاق، أمّهات الرّذائل، والعقائد من باب أولى طبعا لكنّه خارجٌ عن موضوع أصول الفقه [على طريقة من يفرّع العلوم من المتأخرين لا على طريقة المُتَقّدّمين].

ومع ذلك فإنّ الاجتهاد أيّها الأحبّة نوعان:

أجتهاد إنشائيٌّ: وهذا لا يُمكنُ أن يختلف الأصوليّون او الفقهاء للّدقّة في معنى النّصّ المحكم أو النّصّ ... فدلالته واضحة واحدة لا تحتمل أي معنى آخر ولا تحتمل النّسخ ....

وأمّا فيما سوى ذلك فقد تحتلف الأذهان ... كما في اللفظ المشترك أو المؤؤل أو الخفيّ .....

فإذا بان المُرادُ مِن الآيةِ أو الحديثِ لم ينتهِ إعمال الاجتهاد إذ تبرز الحاجة إلى الاجتهاد الآخر وهو الاجتهادُ الرّقابيُّ، فالنوع الثاني من أنواع الاجتهاد إذن هو:

الاجتهاد الرّقابيّ: وهو أن يُراقب المجتهد المسألة أثناء إسقاطها إلى أرض الواقع كي لا تُفضي إلى تحقيق خلاف مقصودها ... وهذا ما يُمكن ان يتجل! ى في الأدلة الإجماليّة الفرعيّة مثل: سدّ الذّرائع وفتحها، والاستحسان ....

فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقطع الأيدي في الغزو مع أنّ الآيةَ محكمة وعامّة .... [فاقطعوا أيديهما ... ] وذلك لما قد يترتب على هذا الحُكم أثناء التّطبيق من مفاسد، وكذا رأى عليّ بن أبي طالبٍ (رضي الله عنه) أن يؤخّر الأخذ على قتلة عثمان والقصاص منهم لأنّ الأمر يحتاج إلى مزيد بيان وإيضاح وقد يعصف بفتن تقتل الأمة لا أوّل لها ولا آخر.

وكذا نهى القُرآنُ أن يَسُبّ المسلمون آلهة المشركين إن كانت ستحملُ المشركين على سب الرّب تعالى فقال (وا تسُبوا الّذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) ....

وشواهد هذا كثيرة جدا، ولعلنّي كي أقرّب الصورة أضرب مقالا أقرب إلى أذهاننا

فبيعُ السّلاح جائز لكنه محرّمٌ في ومن الفتنة ....

وعليه أحبّتي في الله ...

لا اجتهاد في النّصّ والمحكم ... لكن هذا لا يعني أن لا يهتمّ المجتهد في مُراقبة الحكم الّذي تولّد من هذه النّصوص أن لا يفضيان إلى تحقيق خلاف مقصودهما في ظرف من الظّروف .... ألم ترّ أنّ شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيّم (رحمهما الله تعالى) أفتيا بأنّ من تاب وحسنت توبته مما استوجب حدّا - خالصًا- من حدود الله ثُمّ تاب وصدقت توبته فإنّها لم يريا بأسا في أن يقيم الإمامُ عليه الحدّ ... فإنّ مثل هذه الفتوى مردودةٌ ومقابلة للنّصّ إلا إن فهمناها فيسياق ما قُلتُ ....

فالاجتهادٌ الرّقابيُّ أيّها الأحبّة مهم جدا، بل إنّني أرى أنّ مدار الفتيا ودحاها الأعظم في هذا الزّمان دائرٌ على هذا النّوع من الاجتهاد ... حيث فيالجانب الاستنباطي استخرج العلماء السابقون كلّ ما يمكن فهمه من آيات الأحكام وأحاديثها ... وعليه فإنّ مدار الاجتهاد الاستنباطي في هذا العصر - أغليها- دائرٌ على الاجتهاد التّرجيحي ويبقى الميدان الأوسع هو فيالاجتهاد الرّقابيّ ... وهذا مما يدقّ فهمه والتّنبّه إليه ولا يتصدّر له إلا العُلماء الأفذاذ الّذين حذقوا أقوال الفقهاء وأتقنوا لغة العرب ووقفوا على مقاصد الشّريعة وحكمتها وخفاياها ....

والله الموفق، وتقبلوا مني خالص الدعاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير