تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والظاهر أن المثبت والنافي إذا كانت رواية كل منهما في شيء معين في وقت معين واحد أنهما يتعارضان، فلو قال أحدهما: دخلت الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كذا ولم أفارقه ولم يغب عن عيني حتى خرج منها ولم يصل فيها، وقال الآخر رأيته في ذلك الوقت بعينه صلى فيها فانهما يتعارضان فيطلب الترجيح من جهة أخرى والله أعلم وهذا أصوب من قول من قدم المثبت مطلقا ومن قدم النافي مطلقا. ووجه تقديم رواية المثبت أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه، وقد عرفت أن ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفا.

- أن يكون النافي أعلم من المثبت

كأن يكون أعلم منه في المسألة المختلف فيها خاصة أو في الباب الذي تندرج تحته هذه المسألة أو في العلم الذي تنتمي له هذه المسألة

أو جلالة النافي

كما نبهوا عليه في قاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل

أمثلة ذلك أن ينفي البخاري سماع فلان من فلان ويثبته ابن حبان أو البيهقي أو ابن القطان مثلا

ففي الغالب يكون البخاري أعلم بالمسألة خاصة

وأعلم بهذا الباب وهو سماع الرواة من بعضهم بعضا فإنه اعتنى بهه غاية الاعتناء

وهو أجل في هذا العلم

لكن هذا الأخير وهو جلالة النافي ليس اعتماده بمطرد

ومنها أن يكون المثبت فقيه مثلا والنافي لغوي والمسألة تنتمي لعلم اللغة.

قال الزركشي وهو يلخص كلام العلماء على مستثنيات القاعدة:

أن يكون راوي النفي له عناية به فيقدم على الإثبات كما قدم حديث جابر في ترك الصلاة على قتلى أحد على حديث عقبة بن عامر أنه صلى عليهم لأن أباه كان من جملة القتلى وكما قدم حديثه في الإفراد على حديث أنس في القران لأنه صرف همته إلى صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم منذ خرج من المدينة إلى آخره.

- أن يكون النفي في معنى الإثبات وقد يدخل في الأول والثاني:

فصّل إمام الحرمين في القاعدة فقال:

النافي إن نقل لفظا معناه النفي كما إذا نقل أنه لا يحل ونقل الآخر أنه يحل فهما سواء لأن كل واحد منهما مثبت وإن لم يكن كذلك بل أثبت أحدهما فعلا أو قولا ونفاه الآخر بقوله ولم يقله أو لم يفعله فالإثبات مقدم لأن الغفلة تتطرق إلى المصغي والمستمع وإن كان محدثا، والذهول عن بعض ما يجري أقرب من تخيل شيء لم يجر له ذكر. (البرهان 2/ 780، الزركشي في البحر 4/ 466، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236)

- إذا كان النافي نافيا لحد والمثبت موجبا له فيقدم النافي لأن نفيه شبهة تدرأ بها الحدود:

أنظر: المحصول 5/ 590، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236، التقرير والتحبير 3/ 32.

ومثال ذلك: الأحاديث الواردة في أنه لا تقطع اليد فيما هو أقل من ربع دينار، والأدلة الدالة على القطع بمطلق السرقة، أو بما هو أقل من ربع دينار من البيضة ونحوها، فعلى قول الجمهور ترجح أدلة عدم القطع فيما هو أقل من ربع دينار

- وفي باب التراجم والتاريخ قال الذهبي في السير 4/ 5:

وقد أنكر بعضهم ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فما من لم يعلم حجة على من عنده علم، ولا المثبت كالنافي، لكن إذا كان المثبت لشئ شبه خرافة، والنافي ليس غرضه دفع الحق، فهنا النافي مقدم، وهنا تقع المكابرة وتسكب العبرة.

- ومنها أن يكون النافي من أهل الاستقراء وأمثاله:

قال السبكي في الإبهاج355/ 1: وأجاب المصنف تبعا للإمام بأن ما ذكره ابن جني شهادة على النفي فلا تقبل وهو حيد عن سبيله الإنصاف إذ الواصل في فن إلى نهايته والبالغ فيه إلى أقصى غاياته يقبل قوله فيه نفيا وإثباتا.

وقال المرداوي في التحبير 671/ 2: ورد الرازي قول ابن جني: بأنها شهادة نفي فلا تقبل.

وأجاب عنه ابن دقيق العيد: بأنه ليس بشهادة نفي وإنما هو إخبار عن ظن غالب يستند إلى الاستقراء ممن هو أهل لذلك مطلع على لسان العرب كما في سائر الاستقراءات لا يقال فيها شهادة نفي وحينئذ فيتوقف مقابله على ثبوت ذلك من كلامهم.

ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[27 - 01 - 09, 04:03 م]ـ

من القرائن التي تقوي العمل بهذه القاعدة وهي كثيرة لأنها الأصل

أن يصرح النافي بعدم علمه بوقوع الحادثة لا بعدم وقوعها

قال ابن فورك إن كان المثبت حكما شرعيا والنافي على حكم العادة فالمثبت أولى وإن كان الحكمان شرعيين فقد تساويا إلا أن يكون ما ورد بالنفي بين أنه لم يعلم ثبوت الحكم فيكون المثبت أولى كرواية عائشة في تقبيلها وهو صائم وأنكرته أم سلمة لأنها أخبرت عن عدم علمها وذلك لا يدفع حديث عائشة (البحر المحيط4/ 467)

وقال ابن حجر في الفتح 5/ 251:

وأن المثبت مقدم على النافي وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذ ولا سيما إذا لم يتعرض إلا لنفي علمه.

من الأمثلة على القاعدة وهي كثيرة

حديث لم يجمع القرآن على عهد إلا .... وقول كثير من العلماء أن الخلفاء الأربعة ممن جمعه

وأحاديث لم يصل على أحد من شهداء أحد والذي يناقضه

وأحاديث الجهر بالبسملة وخلافه

وحديث الصلاة في الكعبة ونقيضه

وغيرها

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير